وقوله :﴿ ألا ترون أني أوفي الكيل وأنا خير المنزلين ﴾ ترغيب لهم في العود إليه ؛ وقد عَلم أنهم مضطرون إلى العود إليه لعدم كفاية الميرة التي امتاروها لعائلة ذات عدد من النّاس مثلهم، كما دل عليه قولهم بعد ﴿ ذلك كيل يسير ﴾ [ سورة يوسف : ٦٥ ].
ودل قوله : خير المنزلين } على أنه كان ينزل الممتارين في ضيافته لكثرة الوافدين على مصر للميرة.
والمُنْزل : المُضيف.
وهذه الجملة كناية عن الوعد بأن يوفي لهم الكيل ويكرم ضيافتهم إن أتوا بأخيهم.
والكيل في الموضعين مرادٌ منه المصدر.
فمعنى ﴿ فلا كيل لكم عندي ﴾ أي لا يكال لكم، كناية عن منعهم من ابتياع الطعام.
﴿ قَالُواْ سنراود عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لفاعلون ﴾
وعْد بأن يبذلوا قصارى جهدهم في الإتيان بأخيهم وإشعار بصعُوبة ذلك.
فمعنى ﴿ سنراود عنه أباه ﴾ سنحاول أن لا يشح به، وقد تقدم عند قوله تعالى :﴿ وراودته التي هو في بيتها عن نفسه ﴾ [ سورة يوسف : ٢٤ ].
وجملة وإنا لفاعلون } عطف على الوعد بتحقيق الموعود به، فهو فعل ما أمرهم به، وأكدوا ذلك بالجملة الإسمية وحرف التأكيد. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ١٢ صـ ﴾