وقال أبو حيان :
﴿ وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ ﴾
وقرأ الأخوان وحفص : لفتيانه، وباقي السبعة لفتيته، فالكثرة على مراعاة المأمورين، والقلة على مراعاة المتأوّلين.
فهم الخدمة الكائلون أمرهم بجعل المال الذي اشتروا به الطعام في رحالهم مبالغة في استمالتهم لعلهم يعرفونها أي : يعرفون حق ردها، وحق التكرم بإعطاء البدلين فيرغبون فينا إذا انقلبوا إلى أهلهم، وفرغوا ظروفهم.
ولعلهم يعرفونها تعليق بالجعل، ولعلهم يرجعون تعليق بترجي معرفة البضاعة للرجوع إلى يوسف.
قيل : وكانت بضاعتهم النعال والأدم.
وقيل : يرجعون متعد، فالمعنى لعلهم يردون البضاعة.
وقيل : تخوف أن لا يكون عند أبيه من المتاع ما يرجعون به.
وقيل : علم أن ديانتهم تحملهم على رد البضاعة، لا يستحلون إمساكها فيرجعون لأجلها.
وقيل : جعلها توطئة لجعل السقاية في رحل أخيه بعد ذلك، ليتبين أنه لم يسرق لمن يتأمل القصة.
قال ابن عطية : ويظهر أن ما فعله يوسف من صلتهم وجبرهم في تلك الشدة كان واجباً عليه، إذ هو ملك عادل وهم أهل إيمان ونبوة.
﴿ فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾
مار يمير، وأمار يمير، إذا جلب الخير وهي الميرة قال :
بعثتك مائراً فمكثت حولاً...
متى يأتي غياثك من تغيث
﴿ فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا منع منا الكيل فأرسل معنا أخانا نكتل وإنا له لحافظون.
قال هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين ﴾ : أي : رجعوا من مصر ممتارين، بادروا بما كان أهم الأشياء عندهم من التوطئة لإرسال أخيهم معهم، وذلك قبل فتح متاعهم وعلمهم بإحسان العزيز إليهم من رد بضاعتهم.