قال الأصمعي : يقال ماره يميره ميراً إذا أتاه بميرة أي بطعام ومنه يقال : ما عنده خير ولا مير وقوله :﴿وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ﴾ معناه : أن يوسف عليه السلام كان يكيل لكل رجل حمل بعير فإذا حضر أخوه فلا بد وأن يزداد ذلك الحمل، وأما إذا حملنا كلمة "ما" على النفي كان المعنى لا نبغي شيئاً آخر هذه بضاعتنا ردت إلينا فهي كافية لثمن الطعام في الذهاب الثاني، ثم نفعل كذا وكذا.
وأما قوله :﴿ذلك كَيْلٌ يَسِيرٌ﴾ ففيه وجوه : الأول : قال مقاتل : ذلك كيل يسير على هذا الرجل المحسن لسخائه وحرصه على البذل وهو اختيار الزجاج.
والثاني : ذلك كيل يسير، أي قصير المدة ليس سبيل مثله أن تطول مدته بسبب الحبس والتأخير.
والثالث : أن يكون المراد ذلك الذي يدفع إلينا دون أخينا شيء يسير قليل فابعث أخانا معنا حتى نتبدل تلك القلة بالكثرة.
﴿ قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ ﴾
اعلم أن الموثق مصدر بمعنى الثقة ومعناه : العهد الذي يوثق به فهو مصدر بمعنى المفعول يقول : لن أرسله معكم حتى تعطوني عهداً موثوقاً به وقوله :﴿مِنَ الله﴾ أي عهداً موثوقاً به بسبب تأكده بإشهاد الله وبسبب القسم بالله عليه، وقوله :﴿لَتَأْتُنَّنِى بِهِ﴾ دخلت اللام ههنا لأجل أنا بينا أن المراد بالموثق من الله اليمين فتقديره : حتى تحلفوا بالله لتأتنني به.
وقوله :﴿إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ﴾ فيه بحثان :
البحث الأول : قال صاحب "الكشاف" : هذا الاستثناء متصل.
فقوله :﴿إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ﴾ مفعوله له، والكلام المثبت الذي هو قوله :﴿لَتَأْتُنَّنِى بِهِ﴾ في تأويل المنفي، فكان المعنى : لا تمتنعون من الإتيان به لعلة من العلل إلا لعلة واحدة.
البحث الثاني : قال الواحدي للمفسرين فيه قولان :


الصفحة التالية
Icon