وقال أبو السعود :
﴿ وَلَمَّا فَتَحُواْ متاعهم وَجَدُواْ بضاعتهم رُدَّتْ إِلَيْهِمْ ﴾
أي تفضّلاً وقد علموا ذلك بما مر من دَلالة الحال وقرىء بنقل حركةِ الدالِ المدغمة إلى الراء كما قيل في قيل وكيل ﴿ قَالُواْ ﴾ استئنافٌ مبني على السؤال كأنه قيل : ماذا قالوا حينذ؟ فقيل : قالوا لأبيهم ولعله كان حاضراً عند الفتح :﴿ يأَبَانَا مَا نَبْغِى ﴾ إذا فُسّر البغيُ بالطلب فما إما استفهاميةٌ منصوبةٌ به فالمعنى ماذا نبتغي وراء ما وصفنا لك من إحسان الملِك إلينا وكرمِه الداعي إلى امتثال أمرِه والمراجعةِ إليه في الحوايج وقد كانوا أخبروه بذلك وقالوا له : إنا قدِمنا على خير رجلٍ أنزلنا وأكرَمنا كرامةً لو كان رجلاً من آل يعقوبَ ما أكرمْنا كرامتَه، وقوله تعالى :﴿ هذه بضاعتنا رُدَّتْ إِلَيْنَا ﴾ جملةٌ مستأنفةٌ موضِّحةٌ لما دل عليه الإنكارُ من بلوغ اللطفِ غايتَه كأنهم قالوا : كيف لا وهذه بضاعتُنا ردّها إلينا تفضلاً من حيث لا ندري بعد ما منّ عليها من المنن العظامِ هل من مزيد على هذا فنطلبَه؟ ولم يريدوا به الاكتفاءَ بذلك مطلقاً أو التقاعدَ عن طلب نظائرِه بل أرادوا الاكتفاءَ به في استيجاب الامتثالِ لأمره والالتجاءِ إليه في استجلاب المزيدِ كما أشرنا إليه وقوله تعالى :﴿ رُدَّتْ إِلَيْنَا ﴾ حالٌ من بضاعتُنا والعامل معنى الإشارةِ وإيثار صيغةِ البناءِ للمفعول للإيذان بكمال الإحسانِ الناشىءِ عن كمال الإخفاءِ المفهومِ من كمال غفلتهم عنه بحيث لم يشعُروا به ولا بفاعله، وقوله عز وجل :﴿ وَنَمِيرُ أَهْلَنَا ﴾ أي نجلُب إليهم الطعامَ من عند الملكِ، معطوفٌ على مقدَّر ينسحب عليه ردُّ البضاعة أي فنستظهر بها ونمير أهلنا ﴿ وَنَحْفَظُ أَخَانَا ﴾ من المكاره حسبما وعدْنا فما يصيبه من مكروه ﴿ وَنَزْدَادُ ﴾ أي بواسطته، ولذلك وُسّط الإخبارُ بحفظه بين الأصلِ والمزيد ﴿ كَيْلَ بَعِيرٍ ﴾ أي وُسْقَ بعيرٍ زائداً على أوساق أباعِرِنا على قضية التقسيط.


الصفحة التالية
Icon