وإما نافية فالمعنى ما نبغي شيئاً غيرَ ما رأينا من إحسان الملِك في وجوب المراجعةِ إليه، أو ما نبغي غيرَ هذه المباغي، وقيل : ما نطلب منك بضاعةً أخرى والجملة المستأنفةُ تعليلٌ له. وأما إذا فُسِّر البغيُ بمجاوزة الحدِّ فما نافيةٌ فقط والمعنى ما نبغي في القول وما نتزيّد فيما وصفْنا من إحسان الملك إلينا وكرمِه الموجبِ لما ذكر، والجملةُ المستأنفةُ لبيان ما ادّعَوْا من عدم البغي، وقوله : ونمير أهلَنا عطفٌ على ما نبغي أي ما نبغي فيما ذكرنا من إحسانه وتحصيلِ أمثالِه من مَيْر أهلِنا وحفظِ أخينا فإن ذلك أهونُ شيء بواسطة إحسانِه، وقد جوز أن يكون كلاماً مبتدأً أي جملةً اعتراضيةً تذييليةً على معنى وينبغي أن نميرَ أهلَنا، وشبّه ذلك بقولك : سعَيْتُ في حاجة فلان ويجب أن أسعى. وأنت خبيرٌ بأن شأن الجملِ التذييلية أن تكون مؤكّدةً لمضمون مصدرٍ ومقرِّرةً له كما في المثال المذكورِ، وقولِك : فلانٌ ينطِق بالحق فالحقُّ أبلجُ، وأن قوله : ونمير الخ، وإن ساعدَنا في حمله على معنى ينبغي أن نمير أهلَنا بمعزل من ذلك أو ما نبغي في الرأي وما نعدل عن الصواب فيما نشير به عليك من إرسال أخينا معنا، والجملُ إلى آخرها تفصيلٌ وبيانٌ لعدم بغيهم وإصابةِ رأيهم، أي بضاعتُنا حاضرةٌ نستظهر بها ونمير أهلنا ونصنع كيت وذيت فتأمل.
﴿ قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ ﴾