وقوله تعالى :﴿ ذلك كَيْلٌ ﴾ أي مكيل ﴿ يَسِيرٌ ﴾ أي قليل لا يقوم بأودنا يحتمل أن يكون إشارة إلى ما كيل لهم أولاً، والجملة استئناف جيء بها للجواب عما عسى أن يقال لهم : قد صدقتم فيما قلتم ولكن ما الحاجة إلى التزام ذلك وقد جئتم بالطعام؟ فكأنهم قالوا : إن ما جئنا به غير كاف لنا فلا بد من الرجوع مرة أخرى وأخذ مثل ذلك مع زيادة ولا يكون ذلك بدون استصحاب أخينا، ويحتمل أن يكون إشارة إلى ما تحمله أباعرهم، والجملة استئناف وقع تعليلاً لما سبق من الازدياد كأنه قيل : أي حاجة إلى الازدياد؟ فقيل : إن ما تحمله أباعرنا قليل لا يكفينا، وقيل : المعنى أن ذلك الكيل الزائد قليل لا يضايقنا فيه الملك أو سهل عليه لا يتعاظمه، وكأن الجملة على هذا استئناف جيء به لدفع ما يقال : لعل الملك لا يعطيكم فوق العشرة شيئاً ويرى ذلك كثيراً أو صعباً عليه وهو كما ترى، وجوز أن يكون ذلك إشارة إلى الكيل الذي هم بصدده وتضمنه كلامهم وهو المنضم إليه كيل البعير الحاصل بسبب أخيهم المتعهد بحفظه كأنهم لما ذكروا ما ذكروا صرحوا بما يفهم منه مبالغة في استنزال أبيهم فقالوا : ذلك الذي نحن بصدده كيل سهل لا مشقة فيه ولا محنة تتبعه، وقد يبقى الكيل على معناه المصدري والكلام على هذا الطرز إلا يسيراً.
وجوز بعضهم كون ذلك من كلام يعقوب عليه السلام والإشارة إلى كيل البعير أي كيل بعير واحد شيء قليل لا يخاطر لمثله بالولد، وكان الظاهر على هذا ذكره مع كلامه السابق أو اللاحق، وقيل : معنى ﴿ مَا نَبْغِى ﴾ أي مطلب نطلب من مهماتنا، والجمل الواقعة بعده توضيح وبيان لما يشعر به الإنكار من كونهم فائزين ببعض المطالب أو متمكنين من تحصيله فكأنهم قالوا : هذه بضاعتنا حاضرة فنستظهر بها ونمير أهلنا ونحفظ أخانا من المكروه ونزداد بسببه غير ما نكتاله لأنفسنا كيل بعير فأي شيء نبغي وراء هذه المباغي، وما ذكرنا من العطف على المقدر هو المشهور.