وقال ابن كثير : هذا من تمام الكلام وتحسينه. أي : إن هذا يسير في مقابلة أخذ أخيهم لا يعدل هذا، فلا يكون من كلامهم، والجملة محتملة للكل.
﴿ قَالَ ﴾ أي : لهم أبوهم :﴿ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ ﴾ أي : بهذه المقالة :﴿ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِّنَ اللّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ ﴾ أي : عهداً منه، ويميناً به، لتردنّه عليَّ :﴿ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ ﴾ أي : تغلبوا كلكم، فلا تقدرون على تخليصه. وأصله من :( أحاط به العدو ) سد عليه مسالك النجاة ودنا هلاكه.
﴿ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ﴾ أي : شهيد رقيب. والقصد حثهم على ميثاقهم بتخويفهم من نقضه بمجازاته تعالى.
قال ابن إسحاق : وإنما فعل ذلك ؛ لأنه لم يجد بداً من بعثهم لأجل الميرة التي لا غنى بهم عنها.
لطيفة :
قال الناصر : ولقد صدقت هذه القصة المثل السائر، وهو قولهم :( البلاء موكل بالمنطق ) فإن يعقوب عليه السلام قال أولاً في حق يوسف :﴿ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْب ﴾ [ يوسف : من الآية ١٣ ]، فابتلي من ناحية هذا القول. وقال ها هنا ثانياً :﴿ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ ﴾ أي : تغلبوا عليه. فابتلي أيضاً بذلك، وأحيط بهم وغلبوا عليه. انتهى. أ هـ ﴿محاسن التأويل حـ ٩ صـ ٢٠١ ـ ٢٠٣﴾


الصفحة التالية
Icon