فصل
قال الفخر :
﴿ وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ ﴾
اعلم أن أبناء يعقوب لما عزموا على الخروج إلى مصر.
وكانوا موصوفين بالكمال والجمال وأبناء رجل واحد قال لهم :﴿لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وادخلوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرّقَةٍ﴾ وفيه قولان : الأول : وهو قول جمهور المفسرين أنه خاف من العين عليهم ولنا ههنا مقامان.
المقام الأول : إثبات أن العين حق والذي يدل عليه وجوه : الأول : إطباق المتقدمين من المفسرين على أن المراد من هذه الآية ذلك.
والثاني : ما روي أن رسول الله ﷺ كان يعوذ الحسن والحسين فيقول :" أعيذ كما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة " ويقول هكذا كان يعوذ إبراهيم إسمعيل وإسحق صلوات الله عليهم.
والثالث : ما روى عبادة بن الصامت قال : دخلت على رسول الله ﷺ في أول النهار فرأيته شديد الوجع ثم عدت إليه آخر النهار فرأيته معافى فقال :" إن جبريل عليه السلام أتاني فرقاني فقال : بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن كل عين وحاسد الله يشفيك " قال فأفقت، والرابع : روي أن بني جعفر ابن أبي طالب كانوا غلمناً بيضاً فقالت أسماء : يا رسول الله إن العين إليهم سريعة أفأسترقي لهم من العين فقال لها نعم.
والخامس : دخل رسول الله ﷺ بيت أم سلمة وعندها صبي يشتكي فقالوا : يا رسول الله أصابته العين فقال أفلا تسترقون له من العين.
والسادس : قوله عليه السلام :"العين حق ولو كان شيء يسبق القدر لسبقت العين القدر" والسابع : قالت عائشة رضي الله عنها : كن يأمر العائن أن يتوضأ ثم يغسل منه المعين الذي أصيب بالعين.