﴿كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هذا الذى رُزِقْنَا مِن قَبْلُ﴾ صفة ثانية لجنات أخرت عن الأولى لأن جريان الأنهار من تحتها وصف لها باعتبار ذاتها، وهذا باعتبار سكانها أو خبر مبتدأ محذوف أي هم والقرينة ذكره في السابقة واللاحقة، وكون الكلام مسوقاً لبيان أحوال المؤمنين، وفائدة حذف هذا المبتدأ تحقق التناسب بين الجمل الثلاثة صورة لأسميتها، ومعنى لكونها جواب سؤال كأنه قيل : ما حالهم في تلك الجنات ؟ فأجيب بأن لهم فيها ثماراً لذيذة عجيبة وأزواجاً نظيفة ﴿وَهُمْ فِيهَا خالدون﴾ وتقدير المبتدأ هو أو هي للشأن أو القصة ليس بشيء بناءً على أنه لا يجوز حذف هذا الضمير، وإذا لم تدخله النواسخ لا بد أن يكون مفسره جملة اسمية، نعم جاز تقدير هي للجنات والجملة خبر إلا أن التناسب أنسب أو جملة مستأنفة كأنه لما وصف الجنات بما ذكر وقع في الذهن أن ثمارها كثمار جنات الدنيا أولاً فبين حالها ﴿وَلَهُمْ فِيهَا أزواج﴾ زيادة في الجواب ولو قدر السؤال نحو ألهم في الجنات لذات كما في هذه الدار أم أتم وأزيد ؟ كان أصح وأوضح، وأجاز أبو البقاء كونها حالاً من ﴿الذين﴾ أو من ﴿جنات﴾ لوصفها وهي حينئذٍ حال مقدرة والأصل في الحال المصاحبة، والقول بأنها صفة مقطوعة دعوى موصولة بالجهل بشرط القطع وهو علم السامع باتصاف المنعوت بذلك النعت وإلا لاحتاج إليه ولا قطع مع الحاجة، و ﴿كُلَّمَا﴾ نصب على الظرفية ب ﴿قَالُواْ﴾، و ﴿رِزْقاً﴾ مفعول ثان لرزقوا كرزقه مالاً أي أعطاه، وليس مفعولاً مطلقاً مؤكداً لعامله لأنه بمعنى المرزوق أعرف، والتأسيس خير من التأكيد مع اقتضاء ظاهر ما بعده له، وتنكيره للتنويع أو للتعظيم أي نوعاً لذيذاً غير ما تعرفونه، و( من ) الأولى والثانية للابتداء قصد بهما مجرد كون المجرور بهما موضعاً انفصل عنه الشيء، ولذا لا يحسن في مقابلتها نحو إلى وهما ظرفان مستقران واقعان