فيها وروى آثاراً في ذلك لكن على وجه يليق بذلك المقام، وذكر بعضهم أن الأولاد روحانيون والله قادر على ما يشاء.
ومعنى كونها مطهرة أن الله سبحانه نزههن عن كل ما يشينهن، فإن كن من الحور كما روي عن عبد الله فمعنى التطهر خلقهن على الطهارة لم يعلق بهن دنس ذاتي ولا خارجي، وإن كن من بني آدم كما روي عن الحسن :" من عجائزكم الرمص الغمص يصرن شواب" فالمراد إذهاب كل شين عنهن من العيوب الذاتية وغيرها.
والتطهير كما قال الراغب يقال في الأجسام والأخلاق والأفعال جميعاً، فيكون عاماً هنا بقرينة مقام المدح لا مطلقاً منصرفاً إلى الكامل، وكمال التطهير إنما يحصل بالقسمين كما قيل، فإن المعهود من إرادة الكامل إرادة أعلى أفراده لا الجميع، وقرأ زيد بن علي ( مطهرات ) بناءً على طهرن لا طهرت كما في الأولى ولعلها أولى استعمالاً، وإن كان الكل فصيحاً لأنهم قالوا : جمع ما لا يعقل إما أن يكون جمع قلة أو كثرة، فإن كان جمع كثرة فمجىء الضمير على حد ضمير الواحدة أولى من مجيئه على حد ضمير الغائبات، وإن كان جمع قلة فالعكس، وكذلك إذا كان ضميراً عائداً على جمع العاقلات الأولى فيه النون دون التاء ك ﴿بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ﴾ [ البقرة : ٢٣٤ ] و ﴿يُرْضِعْنَ أولادهن﴾ [ البقرة : ٢٣٣ ] ولم يفرقوا في هذا بين جمع القلة والكثرة، ومجىء هذه الصفة مبينة للمفعول، ولم تأت طاهرة وصف من طهر بالفتح على الأفصح، أو طهر بالضم، وعلى الأول قياس، وعلى الثاني شاذ للتفخيم لأنه أفهم أن لها مطهراً وليس سوى الله تعالى، وكيف يصف الواصفون من طهره الرب سبحانه ؟ا وقرأ عبيد بن عمير :﴿مُّطَهَّرَةٍ﴾ وأصله متطهرة فأدغم، ولما ذكر سبحانه وتعالى مسكن المؤمنين ومطعمهم ومنكحهم ؛ وكانت هذه الملاذ لا تبلغ درجة الكمال مع خوف الزوال ولذلك قيل :
أشد الغم عندي في سرور...
تيقن عنه صاحبه انتقالاً