" رؤية الله تعالى أعلى من الجنة ومن نعيمها "
قال حجة الإسلام ما نصه :
وكما أنك ترى في الدنيا من يؤثر لذة الرياسة على المطعوم والمنكوح وترى من يؤثر لذة العلم وانكشاف مشكلات ملكوت السموات والأرض وسائر الأمور الإلهية على الرياسة وعلى المنكوح والمطعوم والمشروب جميعا فكذلك يكون في الآخرة قوم يؤثرون لذة النظر إلى وجه الله تعالى على نعيم الجنة إذ يرجع نعيمها إلى المطعوم والمنكوح وهؤلاء بعينهم هم الذين حالهم في الدنيا ما وصفنا من إيثار لذة العلم والمعرفة والاطلاع على أسرار الربوبية على لذة المنكوح والمطعوم والمشروب وسائر الخلق مشغولون به،
ولذلك لما قيل لرابعة ما تقولين في الجنة فقال الجار ثم الدار،
فبينت أنه ليس في قلبها التفات إلى الجنة بل إلى رب الجنة
وكل من لم يعرف الله في الدنيا فلا يراه في الآخرة وكل من لم يجد لذة المعرفة في الدنيا فلا يجد لذة النظر في الآخرة إذ ليس يستأنف لأحد في الآخرة ما لم يصحبه من الدنيا ولا يحصد أحد إلا ما زرع ولا يحشر المرء إلا على ما مات عليه ولا يموت إلا على ما عاش عليه فما صحبه من المعرفة هو الذى يتنعم به بعينه فقط إلا أنه ينقلب مشاهدة بكشف الغطاء فتتضاعف اللذة به كما تتضاعف لذة العاشق إذا استبدل بخيال صورة المعشوق رؤية صورته فإن ذلك منتهى لذته، وإنما طيبة الجنة أن لكل أحد فيها ما يشتهى فمن لا يشتهي إلا لقاء الله تعالى فلا لذة له في غيره بل ربما يتأذى به
فإذن نعيم الجنة بقدر حب الله تعالى وحب الله تعالى بقدر معرفته فأصل السعادات هى المعرفة التى عبر الشرع عنها بالإيمان. أ هـ ﴿الإحياء حـ ٤ صـ ٢١٤﴾


الصفحة التالية
Icon