عَلَى النُّصُوصِ الْقَطْعِيَّةِ فِيهِمَا شَيْئًا ؛ لِأَنَّ عَالَمَ الْغَيْبِ لَا يَجْرِي فِيهِ الْقِيَاسُ.
وَمِمَّا وَصَفَ اللهُ تَعَالَى بِهِ الْجَنَّاتِ قَوْلُهُ :(تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) وَالْمُنَاسَبَةُ ظَاهِرَةٌ، فَإِنَّ الْبَسَاتِينَ حَيَاتُهَا بِالْأَنْهَارِ (قَالَ شَيْخُنَا) : وَهَلْ سُمِّيَتْ دَارُ النَّعِيمِ جَنَّةً وَجَنَّاتٍ عَلَى سَبِيلِ التَّشْبِيهِ وَذُكِرَتِ الْأَنْهَارُ تَرْشِيحًا لَهُ أَمْ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْجَنَّاتِ تَسْمِيَةً لِلْكُلِّ بِاسْمِ الْبَعْضِ ؟ اللهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ، وَأَقُولُ : لَوْ لَمْ يَرِدْ فِي هَذَا الْمَقَامِ إِلَّا ذِكْرُ الْجَنَّةِ أَوِ الْجَنَّاتِ لَوَجَبَ التَّفْوِيضُ وَامْتَنَعَ التَّرْجِيحُ، أَمَا وَقَدْ ذُكِرَ فِي آيَاتٍ أُخْرَى أَنْوَاعٌ مِنَ الشَّجَرِ الْمُثْمِرِ وَذُكِرَ الثَّمَرَاتُ، فَقَدْ تَعَيَّنَ تَرْجِيحُ الشِّقِّ الثَّانِي، وَإِلَّا كَانَ هَرَبُنَا مِنْ تَشْبِيهِ أَسْرَى الْأَلْفَاظِ عَالَمَ الْغَيْبِ بِعَالَمِ الشَّهَادَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، إِلَى تَأْوِيلَاتِ الْبَاطِنِيَّةِ الْمُعَطِّلِينَ لِدَلَالَتِهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.