وضرب لنظم الكلام، نحو :﴿أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا * قَيِّماً﴾، تقديره : الكتاب قيِّمًا ولم يجعل له عِوَجاً.
والمتشابه من جهة المعنى أَوصاف الله عزَّ وجلّ، وأَوصافُ القيامة.
فإِنَّ تلك الصّفات لا تتصوّر لنا، إِذْ كان لا يحصل فى نفوسنا صورة ما لم نحسّه، أَو لم يكن من جنس ما نُحسّه.
والمتشابه من جهة اللَّفظ والمعى خمسة أَضرب :
الأَوّل : من جهة الكَمِّيّة ؛ كالعموم والخصوص، نحو :﴿فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ﴾.
والثَّانى : من جهة الكَيْفِيّة، كالوجوب والندب، نحو قوله :﴿فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النِّسَآءِ﴾.
والثالث : من جهة الزَّمان، كالنَّاسخ والمنسوخ، نحو قوله :﴿اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾.
والرَّابع : من جهة المكان والأُمور التى نزلت فيها، نحو قوله :﴿وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا﴾، وقوله :﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ﴾، فإِنَّ من لا يعرف عادتهم فى الجاهلية يتعذَّر عليه معرفة تفسير هذه الآية.
الخامس : من جهة الشروط التى بها يصحّ الفعل أَو يَفْسد ؛ كشروط الصّلاة والنكاح.
وهذه الجملة إِذا تُصوّرت عُلم أَن كلّ ما ذكره المفسّرون لا يخرج عن هذه التَّقاسيم، نحو من قال : المتشابه آلم، وقول قتادة : المحكم الناسخ، والمشتابه المنسوخ، وقول الأَصمّ :[المحكم حجة ظاهرة.
وقول غيرهم :] لمحكم ما أُجمع على تأْويله، والمتشابه ما اختُلِف فيه.
ثمّ جميع المتشابهات على ثلاثة أَضرب :
ضرب لا سبيل إِلى الوقوف عليه ؛ كوقت السّاعة، وخروج دابّة الأَرض، وكيفيّة الدّابّة، ونحو ذلك.
وضربٌ للإِنسان سبيل إِلى معرفته، كالأَلفاظ الغريبة والأَحكام المغلقة.