هذا وإن قياس ذلك العالم وأحواله على ما نجده ونشاهده من نقص العقل وضعف البصيرة. واعلم أنه لما كان معظم اللذات الحسية مقصوراً على : المساكن والمطاعم، والمناكح، على ما دل عليه الاستقراء كان ملاك ذلك كله الدوام والثبات، فإن كل نعمة جليلة إذا قارنها خوف الزوال كانت منغصة غير صافية من شوائب الألم، بشر المؤمنين بها ومثل ما أعد لهم في الآخرة بأبهى ما يستلذ به منها، وأزال عنهم خوف الفوات بوعد الخلود ليدل على كمالهم في التنعم والسرور. أ هـ ﴿تفسير البيضاوى حـ ١ صـ ٢٤١ ـ ٢٥٣﴾
ومن فوائد الحافظ ابن كثير فى الآية
قال عليه الرحمة :
﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ﴾ وصفها بأنها تجري من تحتها الأنهار، كما وصف النار بأن وقودها الناس والحجارة، ومعنى ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ﴾ أي : من تحت أشجارها وغرفها، وقد جاء في الحديث : أن أنهارها تجري من غير أخدود، وجاء في الكوثر أن حافتيه قباب اللؤلؤ المجوف، ولا منافاة بينهما، وطينها المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والجوهر، نسأل الله من فضله [وكرمه] إنه هو البر الرحيم.
وقال ابن أبي حاتم : قرئ على الربيع بن سليمان : حدثنا أسد بن موسى، حدثنا ابن ثوبان، عن عطاء بن قرّة، عن عبد الله بن ضمرة، عن أبي هريرة، قال : قال رسول الله ﷺ :" أنهار الجنة تُفَجَّر من تحت تلال - أو من تحت جبال - المسك" (١).
وقال أيضا : حدثنا أبو سعيد، حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، قال : قال عبد الله : أنهار الجنة تفجر من جبل مسك.