قلت : وقال بعضهم : لم يذكر أحد أنها للتبيين، وما معناها إلا ( بيان ) الجنس.
وذكر البيانيون أنها تكون للتجريد وهو للتبعيض مثل : لي من زيد صديق حميم، كأنك جردت عن صفاته رجلا صديقا وكذا قوله عز وجل :﴿لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ﴾ وقوله ﴿لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخلد﴾ وأنشد عليه ابن عطية في سورة آل عمران في قوله ﴿وَتُخْرِجُ الحي مِنَ الميت﴾ قوله الشاعر :
أفاءت بنو مروان ظلما دماءنا...
وفي الله إن لم ينصفوا حكم عدل
وكأنه جرد من صفات الله تعالى حاكما عدلا.
قال الزمخشري : ومعناه هذا مثل الذى رزقناه إذ لا يصح أن يكون ( ذات الحاضر عندهم ) الذات الذي رزقوه ذات في الدنيا.
قال ابن عرفة : ومعناه أن هذا الذي أكلناه هو الذي رزقناه أولا، وهو الذي شاهدناه حين الأكل، على ما ورد أنّ الإنسان إذا أكل شيئا يرجع كما كان أولا ).
قال ابن عرفة : وعلى القول بإجازة إعادة المعدوم بعينه يصح ذلك وهو مذهبنا.
قوله تعالى :﴿وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ...﴾.
أي مخلصة من الشين والدنس المعنوي والحسي المتصل والمنفصل فليس ( لهن ) ذنوب ولا نتن رائحة ولا حيض ولا بصاق ولا مخاط بوجه.
قال الزمخشري : فإن قلت : هلا جاءت الصفة مجموعة لموصوفها ؟ قلت :( هما لغتان ) يقال : النساء فعلن، والنساء فاعلات.
قال ابن عرفة : يرد عليه أن النساء اسم جمع لفظه مفرد، بخلاف هذا فإنه جمع صريح.
وإنما يجاب بما قال المبرد في المقتضب : من أن جمع السلامة لا ينعت إلا بالجمع وجمع التكسير ينعت بالمفرد والجمع.
الزمخشري : إنما قال " مطهرة " ولم يقل طاهرة، إشارة إلى أن تطهيرهن من قبل الله تعالى ليس لهن فيه تكسب ولا اختيار بوجه.
قال ابن عرفة : وهذا كله تقدم إما على التوزيع أو لكل واحد منهم أزواج وهو الظاهر.
قال : والبيانيون منهم من يختار في مثل هذه ( المجرورات ) والضمائر، ( الفصل ) ومنهم من يختار ( الوصل ) وعليه أنشد :