﴿ وملائكته ورسله وجبريل وميكائيل ﴾ [ البقرة : ٩٨ ] ثم ههنا مذاهب : منهم من قال : إن العبد لا يستحق على الطاعة ثواباً ولا على المعصية عقاباً استحقاقاً عقلياً واجباً وهو قول أهل السنة ولا يرد عليه إشكال. ومنهم من زعم أنه يستحق الثواب بالإيمان والعمل الصالح بشرط أن لا يحبطهما المكلف بالكفر والإقدام على الكبائر، وبالندم على ما أوجده من فعل الطاعة وترك المعصية بدليل قوله ﴿ لئن أشركت ليحبطن عملك ﴾ [ الزمر : ٦٥ ]. وإنما طوي ذكر هذا الشرط في الآية للعلم به فإنه قد ركز في العقول أن الإحسان إنما يستحق فاعله عليه المثوبة والثناء إذا لم يتعقبه بما يفسده ويذهب بحسنه، وهذا قول المعتزلة ومن يجري مجراهم. ومنهم من أحال القول بالإحباط، لأن من آمن وعمل صالحاً استحق الثواب الدائم فلو فرض إحباط بكفره لاستحق العقاب الدائم والجميع بينهما محال، ولا يخفى ضعف هذا المذهب، فإن الأمور بخواتيمها قال ﷺ :" إن العبد ليعمل عمل أهل النار وإنه من أهل الجنة ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النار " وإنما الأعمال بالخواتيم. والجنة البستان من النخل والشجر المتكاثف المظلل بالتفاف أغصانه والتركيب دائر على معنى الستر كأنها فعلة من جنة إذا ستره. وسميت دار الثواب كلها جنة فيها من الجنان على حسب استحقاقات العاملين لكل طبقة منهم جنات من تلك الجنان، فلهذا نكرت. والنهر : المجرى الواسع فوق الجدول ودون البحر. يقال لبردى نهر دمشق، وللنيل نهر مصر. واللغة العالية الغالبة النهر بفتح الهاء ومدار التركيب على السعة. وإسناد الجري إلى الأنهار من الإسناد المجازي، لأن الجاري هو الماء وكذا من تحتها أي من تحت أشجارها. وأنزه البساتين وأكرمها منظراً ما كانت أشجارها مظللة والأنهار في خلالها مطردة، ولولاها كانت كتماثيل لا أرواح فيها، وصور لا حياة لها. وإنما عرفت الأنهار لأن المراد بها الجنس كما تقول


الصفحة التالية
Icon