" أقبل أعرابي يوماً فقال : يا رسول الله، ذكر الله في الجنة شجرة مؤذية، وما كنت أرى في الجنة شجرة مؤذية تؤذي صاحبها، فقال رسول الله ﷺ :" ما هي ؟" قال : السدرة، فإن لها شوكاً مؤذياً.
فقال رسول الله ﷺ :" أليس يقول في سدر مخضود، خضد الله الشوك، فجعل مكان كل شوكة ثمرة، فإنها لتنبت ثمراً يفتق من الثمرة منها على اثنين وسبعين لوناً طعاماً ما فيه لون يشبه الآخر ؟" " واختار الزمخشري أن ثمر الجنة متشابه بثمر الدنيا، وأطلق القول في كونه كان مشابهاً لثمر الدنيا، ولم يكن أجناساً أخر.
وملخص ما ذكر أن الإنسان يأنس بالمألوف، وإذا رأى غير المألوف نفر عنه طبعه، وإذا ظفر بشيء مما ألفه وظهر له فيه مزية، وتفاوت في الجنس، سر به واغتبط بحصوله.
ثم ذكر ما ورد في مقدار الرمانة والنبقة والشجرة وكيفية نخل الجنة والعنقود والأنهار ما يوقف عليه في كتابه.
وليس في الآية ما يدل على ما اختاره الزمخشري.
والأظهر أن يكون المعنى ثبوت التشابه له، ولم يقيد التشابه بل أطلق، فتقييده يحتاج إلى دليل.
ولما كانت مجامع اللذات في المسكن البهي والمطعم الشهي والمنكح الوضي، ذكرها الله تعالى فيما يبشر به المؤمنون.
وقد بدأ بالمسكن لأن به الاستقرار في دار المقام، وثنى بالمطعم لأن به قوام الأجسام، ثم ذكر ثالثاً الأزواج لأن بها تمام الالتئام، فقال تعالى :﴿ولهم فيها أزواج﴾ والأولى أن تكون هذه الجملة مستأنفة.
كما اخترنا في قوله :﴿كلما رزقوا﴾ لأن جعلها استئنافاً يكون في ذلك اعتناء بالجملة، إذ سيقت كلاماً تاماً لا يحتاج إلى ارتباط صناعي، ومن جعلها صفة فقد سلك بها مسلك غير ما هو أصل للحمل.
وارتفاع أزواج على الابتداء، وكونه لم يشرك في العامل في جنات يدل على ما قلناه من الاستئناف أيضاً، وخبر أزواج في المجرور الذي هو لهم وفيها متعلق بالعامل في لهم الذي هو خبر.


الصفحة التالية
Icon