الثالث : أنهم إنما فعلوا بيوسف ما فعلوه، لأنهم حسدوه على إقبال الأب عليه وتخصيصه بمزيد الإكرام، فخاف بنيامين أن يحسدوه بسبب أن الملك خصه بمزيد الإكرام، فأمنه منه وقال : لا تلتفت إلى ذلك فإن الله قد جمع بيني وبينك.
الرابع : روى الكلبي عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن إخوة يوسف عليه السلام كانوا يعيرون يوسف وأخاه بسبب أن جدهما أبا أمهما كان يعبد الأصنام، وأن أم يوسف امرأت يوسف فسرق جونة كانت لأبيها فيها أصنام رجاء أن يترك عبادتها إذا فقدها.
فقال له :﴿فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ أي من التعيير لنا بما كان عليه جدنا.
والله أعلم.
ثم قال تعالى :﴿فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السقاية فِى رَحْلِ أَخِيهِ﴾ وقد مضى الكلام في الجهاز والرحل، أما السقاية فقال صاحب "الكشاف" : مشربة يسقي بها وهو الصواع قيل : كان يسقي بها الملك ثم جعلت صاعاً يكال به، وهو بعيد لأن الإناء الذي يشرب الملك الكبير منه لا يصلح أن يجعل صاعاً، وقيل : كانت الدواب تسقى بها ويكال بها أيضاً وهذا أقرب، ثم قال وقيل كانت من فضة مموهة بالذهب، وقيل : كانت من ذهب، وقيل : كانت مرصعة بالجواهر وهذا أيضاً بعيد لأن الآنية التي يسقى الدواب فيها لا تكون كذلك، والأولى أن يقال : كان ذلك الإناء شيئاً له قيمة، أما إلى هذا الحد الذي ذكروه فلا.
ثم قال تعالى :﴿ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذّنٌ أَيَّتُهَا العير إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾ يقال : أذنه أي أعلمه وفي الفرق بين أذن وبين أذن وجهان : قال ابن الأنباري : أذن معناه أعلم إعلاماً بعد إعلام لأن فعل يوجب تكرير الفعل قال ويجوز أن يكون إعلاماً واحداً من قبيل أن العرب تجعل فعل بمعنى أفعل في كثير من المواضع، وقال سيبويه : أذنت وأذنت معناه أعلمت لا فرق بينهما، والتأذين معناه : النداء والتصويت بالإعلام.