وقال الماوردى :
قوله عز وجل :﴿ ولما دخلوا على يوسف أوى إليه أخاه ﴾
قال قتادة : ضمّهُ إليه وأنزله معه.
﴿ قال إني أنا أخوك ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أنه أخبره أنه يوسف أخوه، قاله ابن إسحاق.
الثاني : أنه قال له : أنا أخوك مكان أخيك الهالك، قاله وهب.
﴿ فلا تبتئس بما كانوا يعملون ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : فلا تأسف، قاله ابن بحر.
الثاني : فلا تحزن بما كانوا يعملون.
وفيه وجهان :
أحدهما : بما فعلوه في الماضي بك وبأخيك.
الثاني : باستبدادهم دونك بمال أبيك.
قوله عز وجل :﴿ فلما جهزهم بجهازهم ﴾
وهو كيل الطعام لهم بعد إكرامهم وإعطائه بعيراً لأخيهم مثل ما أعطاهم.
﴿ جعل السقاية في رحل أخيه ﴾ والسقاية والصواع واحد. قال ابن عباس. وكل شيء يشرب فيه فهو صواع، قال الشاعر :
نشرب الخمر بالصواع جهاراً... وترى المتك بيننا مستعارا
قال قتادة : وكان إناء المتك الذي يشرب فيه.
واختلف في جنسه، فقال عكرمة كان من فضة، وقال عبد الرحمن بن زيد : كان من ذهب، وبه كال طعامهم مبالغة في إكرامهم.
وقال السدي : هو المكوك العادي الذي يلتقي طرفاه.
﴿ ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون ﴾ أي نادى مناد فسمى النداء أذاناً لأنه إعلام كالأذان.
وفي ﴿ العير ﴾ وجهان :
أحدهما : أنها الرفقة.
الثاني : أنها الإبل المرحولة المركوبة، قاله أبو عبيدة.
فإن قيل : كيف استجاز يوسف أن يجعل السقاية في رحل أخيه لسرقهم وهم برآء، وهذه معصية؟
قيل عن هذه أربعة أجوبة :
أحدها : أنها معصية فعلها الكيال ولم يأمر بها يوسف.
الثاني : أن المنادي الذي كال حين فقد السقاية ظن أنهم سرقوها ولم يعلم بما فعله يوسف، فلم يكن عاصياً.
الثالث : أن النداء كان بأمر يوسف، وعنى بذلك سرقتهم ليوسف من أبيه، وذلك صدق.