وقوله :﴿ ولمن جاء به حمل بعير ﴾، أي لمن دل على سارقه وفضحه وجبر الصواع - وهذا جعل - وقوله :﴿ وأنا به زعيم ﴾ حمالة، وذلك أنه لما كان الطعام لا يوجد إلا عند الملك فهم من المؤذن أنه إنما جعل عن غيره، فلخوفه ألا يوثق بهذه الجعالة - إذ هي عن الغير - تحمل هو بذلك. قال مجاهد : ال ﴿ زعيم ﴾ هو المؤذن الذي قال :﴿ أيتها العير ﴾ و" الزعيم " : الضامن - في كلام العرب - ويسمى الرئيس زعيماً، لأنه يتضمن حوائج الناس.
وقوله :﴿ قالوا : تالله ﴾ الآية، روي : أن إخوة يوسف كانوا ردوا البضاعة الموجودة في الرحال وتحرجوا من أخذ الطعام بلا ثمن فلذلك قالوا :﴿ لقد علمتم ﴾ أي لقد علمتم منا التحري ؛ وروي أنهم كانوا قد اشتهروا في مصر بصلاح وتعفف، وكانوا يجعلون الأكمة في أفواه إبلهم لئلا تنال زرع الناس، فلذلك قالوا : لقد علمتم ما جئنا لفساد وما نحن أهل سرقة.
والتاء في ﴿ تالله ﴾ بدل من واو - كما أبدلت في تراث وفي التورية وفي التخمة - ولا تدخل التاء في القسم إلا في المكتوبة من بين أسماء الله تعالى، لا في غير ذلك - لا تقول : تالرحمن ولا تالرحيم -.
وقوله تعالى :﴿ قالوا : فما جزاؤه ﴾ الآية، قال فتيان يوسف : فما جزاء السارق ﴿ إن كنتم كاذبين ﴾ في قولكم :﴿ وما كنا سارقين ﴾ فقال إخوة يوسف : جزاء السارق والحكم الذي تتضمنه هذه الألفاظ ﴿ من وجد في رحله فهو جزاؤه ﴾ ف ﴿ جزاؤه ﴾ الأول مبتدأ و﴿ من ﴾ والجملة خبر قوله :﴿ جزاؤه ﴾ الأول، والضمير في ﴿ قالوا جزاؤه ﴾ للسارق، ويصح أن تكون ﴿ من ﴾ خبراً عائد على ﴿ من ﴾ ويكون قوله :﴿ فهو جزاؤه ﴾ زياد بيان وتأكيد.