قلت لم يكونوا سراقاً في الحقيقة فيحمل ذلك على مثل رد الضائع فيكون جعالة أو لعل مثل هذه الكفالة كانت جائزة عندهم في ذلك الزمان فيحمل عليه ﴿ قالوا ﴾ يعني إخوة يوسف ﴿ تالله ﴾ التاء بدل من الواو ولا تدخل إلا على اسم الله في اليمين خاصة تقديره والله ﴿ لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا مسرفين ﴾ قال المفسرون : إن أخوة يوسف حلفوا على أمرين :
أحدهما : أنهم ما جاؤوا لأجل الفساد في الأرض والثاني أنهم ما جاؤوا سارقين وإنما قالوا هذه المقالة لأنه كان قد ظهر من أحوالهم ما يدل على صدقهم وهو أنهم كانوا مواظبين على أنواع الخير والطاعة والبر حتى بلغ من أمرهم أنهم شدوا أفواه دوابهم لئلا تؤذي زرع الناس ومن كانت هذه صفته فالفساد في حقه ممتنع.
وأما الثاني : وهو أنهم ما كانوا سارقين فلأنهم قد كانوا ردوا البضاعة التي وجدوها في رحالهم ولم يستحلوا أخذها ومن كانت هذه صفته فليس بسارق فلأجل ذلك قالوا لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين فلما تبينت براءتهم من هذه التهمة ﴿ قالوا ﴾ يعني أصحاب يوسف وهو المنادي وأصحابه ﴿ فما جزاؤه إن كنتم كاذبين ﴾ يعني فما جزاء السارق إن كنتم كاذبين في قولكم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين.


الصفحة التالية
Icon