فصل


قال الفخر :
﴿ فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ ﴾
اعلم أن إخوة يوسف لما أقروا بأن من وجد المسروق في رحله فجزاؤه أن يسترق قال لهم المؤذن : إنه لا بد من تفتيش أمتعتكم، فانصرف بهم إلى يوسف ﴿فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ﴾ لإزالة التهمة والأوعية جمع الوعاء وهو كل ما إذا وضع فيه شيء أحاط به استخرجها من وعاء أخيه، وقرأ الحسن ﴿وِعَاء أَخِيهِ﴾ بضم الواو وهي لغة، وقرأ سعيد بن جبير ﴿مِنْ أَخِيهِ﴾ فقلب الواو همزة.
فإن قيل : لم ذكر ضمير الصواع مرات ثم أنثه ؟
قلنا : قالوا رجع ضمير المؤنث إلى السقاية وضمير المذكر إلى الصواع أو يقال : الصواع يؤنث ويذكر، فكان كل واحد منهما جائزاً أو يقال : لعل يوسف كان يسميه سقاية وعبيده صواعاً فقد وقع فيما يتصل به من الكلام سقاية وفيما يتصل بهم صواعاً، عن قتادة أنه قال : كان لا ينظر في وعاء إلا استغفر الله تائباً مما قذفهم به، حتى إنه لما لم يبق إلا أخوه قال ما أرى هذا قد أخذ شيئاً، فقالوا : لا نذهب حتى تتفحص عن حاله أيضاً، فلما نظروا في متاعه استخرجوا الصواع من وعائه والقوم كانوا قد حكموا بأن من سرق يسترق، فأخذوا برقبته وجروا به إلى دار يوسف.
ثم قال تعالى :﴿كذلك كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِى دِينِ الملك﴾ وفيه بحثان : الأول : المعنى ومثل ذلك الكيد كدنا ليوسف، وذلك إشارة إلى الحكم باسترقاق السارق، أي مثل هذا الحكم الذي ذكره إخوة يوسف حكمنا ليوسف.


الصفحة التالية
Icon