الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَقَدْ يُمْكِنُ تَقْدِيرُ الْعَمَلِ بِالزَّمَانِ، كَقَوْلِهِ : تَخْدُمُنِي الْيَوْمَ.
وَقَدْ يَقُولُ : تَخِيطُ لِي هَذَا الثَّوْبَ ؛ فَيُقَدَّرُ الْعَمَلُ بِالْوَجْهَيْنِ، وَقَدْ يَتَعَذَّرُ تَقْدِيرُ الْعَمَلِ، كَقَوْلِهِ : مَنْ جَاءَنِي بِضَالَّتِي أَوْ جَلَبَ عَبْدِي الْآبِقَ فَلَهُ كَذَا، فَأَحَدُ الْعِوَضَيْنِ لَا يَصِحُّ تَقْدِيرُهُ، وَالْعِوَضُ الْآخَرُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِهِ، فَإِنَّ مَا يَسْقُطُ بِالضَّرُورَةِ لَا يَتَعَدَّى سُقُوطُهُ إلَى مَا لَا ضَرُورَةَ فِيهِ.
وَالْأَصْلُ فِيهِ الْحَدِيثُ الَّذِي قَدَّمْنَا مِنْ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى الرُّقْيَةِ، وَهُوَ عَمَلٌ لَا يَتَقَدَّرُ، وَقَدْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ وَالْجَعَالَةُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَأَقَرَّتْهُمَا الشَّرِيعَةُ، وَنَفَتْ عَنْهُمَا الْغَرَرَ وَالْجَهَالَةَ.
وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي كُتُبِ الْمَسَائِلِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ : فِي حَقِيقَةِ الْقَوْلِ فِي الْآيَةِ : إنَّ الْمُنَادِيَ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا، إنَّمَا كَانَ نَائِبًا عَنْ يُوسُفَ وَرَسُولًا لَهُ، فَشَرَطَ حِمْلَ الْبَعِيرِ عَلَى يُوسُفَ لِمَنْ جَاءَ بِالصُّوَاعِ وَتَحَمَّلَ هُوَ بِهِ عَنْ يُوسُفَ، فَصَارَتْ فِيهِ ثَلَاثُ فَوَائِدَ : الْأَوَّلُ : الْجَعَالَةُ، وَهُوَ عَقْدٌ يَتَقَدَّرُ فِيهِ الثَّمَنُ وَلَا يَتَقَدَّرُ فِيهِ الثَّمَنُ.
الثَّانِيَةُ : الْكَفَالَةُ، وَهِيَ هَاهُنَا مُضَافَةٌ إلَى سَبَبٍ مُوجَبٍ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيقِ بِالشَّرْطِ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهَا اخْتِلَافًا مُتَبَايِنًا تَقْرِيرُهُ فِي الْمَسَائِلِ ؛ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِهِ، فَإِنَّهُ فِعْلُ نَبِيٍّ، وَلَا يَكُونُ إلَّا شَرْعًا.


الصفحة التالية
Icon