وقرأ الجمهور " سرقَ " على تحقيق السرقة على بنيامين، بحسب ظاهر الأمر. وقرأ ابن عباس وأبو رزين " سُرِّق " بضم السين وكسر الراء وتشديدها، وكأن هذه القراءة فيها لهم تحر، ولم يقطعوا عليه بسرقة، وإنما أرادوا جعل سارقاً بما ظهر من الحال - ورويت هذه القراءة عن الكسائي - وقرأ الضحاك :" إن ابنك سارقٌ " بالألف وتنوين القاف، ثم تحروا بعد - على القراءتين - في قولهم ﴿ وما شهدنا إلا بما علمنا ﴾ أي وقولنا لك :﴿ إن ابنك سرق ﴾ إنما هي شهادة عندك بما علمناه من ظاهر ما جرى، والعلم في الغيب إلى الله، ليس في ذلك حفظنا، هذا قول ابن إسحاق، وقال ابن زيد : قولهم :﴿ ما شهدنا إلا بما علمنا ﴾ أرادوا به : وما شهدنا عند يوسف بأن السارق يسترقّ في شرعك إلا بما علمنا من ذلك، ﴿ وما كنا للغيب حافظين ﴾ أن السرقة تخرج من رحل أحدنا، بل حسبنا أن ذلك لا يكون البتة، فشهدنا عنده حين سألنا بعلمنا.
وقرأ الحسن " وما شهدنا عليه إلا بما علمنا " بزيادة " عليه ".
ويحتمل قوله :﴿ وما كنا للغيب حافظين ﴾ أي حين واثقناك، إنما قصدنا ألا يقع منا نحن في جهته شيء يكرهه، ولم نعلم الغيب في أنه سيأتي هو بما يوجب رقه.
وروي أن معنى قولهم :﴿ للغيب ﴾ أي الليل، الغيب : الليل - بلغة حمير - فكأنهم قالوا : وما شهدنا عندك إلا بما علمناه من ظاهر حاله، وما كنا بالليل حافظين لما يقع من سرقته هو أو التدليس عليه. ثم استشهدوا بأهل القرية التي كانوا فيها - وهي مصر، قاله ابن عباس وغيره، وهذا مجاز، والمراد أهلها، وكذلك قوله :﴿ والعير ﴾، هذا قول الجمهور، وهو الصحيح، وحكى أبو المعالي في التلخيص عن بعض المتكلمين أنه قال : هذا من الحذف وليس من المجاز، قال : وإنما المجاز لفظة تستعار لغير ما هي له.