ولما كانوا في غاية الثقة من أن أحداً منهم لا يلم بمثل ذلك، أشاروا إليه بقولهم :﴿وما شهدنا﴾ أي في ذلك ﴿إلا بما علمنا﴾ ظاهراً من رؤيتنا الصواع يخرج من وعائه ؛ والشهادة : الخبر عن إحساس قول أو فعل، وتجوز الشهادة بما أدى إليه الدليل القطعي ﴿وما كنا للغيب﴾ أي الأمر الذي غاب عنا ﴿حافظين﴾ فلعل حيلة دبرت في ذلك غاب عنا علمها كما صنع في رد بضاعتنا ﴿واسأل القرية﴾ أي أهلها وجدرانها إن كانت تنطق ﴿التي كنا فيها﴾ وهي مصر، عما أخبرناك به يخبروك بصدقنا، فإن الأمر قد اشتهر عندهم ﴿و﴾ اسأل ﴿العير﴾ أي أصحابها وهم قوم من كنعان جيران يعقوب عليه الصلاة والسلام ﴿التي أقبلنا فيها﴾ والسؤال : طلب الإخبار بأداته من الهمزة وهل ونحوهما، والقرية : الأرض الجامعة لحدود فاصلة، وأصلها من قريت الماء، أي جمعته، وسيأتي شرح لفظها آخر السورة، والعير : قافلة الحمير، من العير - بالفتح، وهو الحمار، هذا الأصل - كما تقدم ثم كثر حتى استعمل في غير الحمير.


الصفحة التالية
Icon