قال صاحب "الكشاف" : استيأسوا يئسوا، وزيادة السين والتاء للمبالغة كما في قوله :﴿استعصم﴾ [ يوسف : ٣٢ ] وقوله :﴿مِنْهُ خَلَصُواْ﴾ قال الواحدي : يقال خلص الشيء يخلص خلوصاً إذا ذهب عنه الشائب من غيره، ثم فيه وجهان : الأول : قال الزجاج خلصوا أي انفردوا، وليس معهم أخوهم، والثاني : قال الباقون تميزوا عن الأجانب، وهذا هو الأظهر.
وأما قوله :﴿نَجِيّاً﴾ فقال صاحب "الكشاف" : النجي على معنيين يكون بمعنى المناجي كالعشير والسمير بمعنى المعاشر والمسامر.
ومنه قوله تعالى :﴿وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً﴾ [ مريم : ٥٢ ] وبمعنى المصدر الذي هو التناجي كما قيل : النجوى بمعنى المتناجين، فعلى هذا معنى ﴿خَلَصُواْ نَجِيّا﴾ اعتزلوا وانفردوا عن الناس خالصين لا يخالطهم سواهم ﴿نَجِيّاً﴾ أي مناجياً.
روي ﴿نجوى﴾ أي فوجاً ﴿نَجِيّاً﴾ أي مناجياً لمناجاة بعضهم بعضاً، وأحسن الوجوه أن يقال : إنهم تمحضوا تناجياً، لأن من كمل حصول أمر من الأمور فيه وصف بأنه صار غير ذلك الشيء، فلما أخذوا في التناجي على غاية الجد صاروا كأنهم في أنفسهم، صاروا نفس التناجي حقيقة.
أما قوله تعالى :﴿قَالَ كَبِيرُهُمْ﴾ فقيل المراد كبيرهم في السن وهو روبيل، وقيل كبيرهم في العقل وهو يهودا، وهو الذي نهاهم عن قتل يوسف، ثم حكى تعالى عن هذا الكبير أنه قال :﴿أَلَمْ تَعْلَمُواْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَّوْثِقًا مّنَ الله وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِى يُوسُفَ﴾ وفيه مسألتان :
المسألة الأولى :