واعلم أن حاصل الكلام في كون البضاعة مزجاة إما لقلتها أو لنقصانها أو لمجموعها ولما وصفوا شدة حالهم ووصفوا بضاعتهم بأنها مزجاة قالوا له :﴿فَأَوْفِ لَنَا الكيل﴾ والمراد أن يساهلهم إما بإن يقيم الناقص مقام الزائد أو يقيم الرديء مقام الجيد، ثم قالوا :﴿وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا﴾ والمراد المسامحة بما بين الثمنين وأن يسعر لهم بالرديء كما يسع بالجيد، واختلف الناس في أنه هل كان ذلك طلباً منهم للصدقة فقال سفيان بن عيينة : إن الصدقة كانت حلالاً للأنبياء قبل محمد ﷺ بهذه الآية وعلى هذا التقدير، كأنهم طلبوا القدر الزائد على سبيل الصدقة، وأنكر الباقون ذلك وقالوا حال الأنبياء وحال أولاد الأنبياء ينافي طلب الصدقة لأنهم يأنفون من الخضوع للمخلوقين ويغلب عليهم الانقطاع إلى الله تعالى والاستغاثة به عمن سواه، وروي عن الحسن ومجاهد : أنهما كرها أن يقول الرجل في دعائه اللهم تصدق علي، قالوا : لأن الله لا يتصدق إنما يتصدق الذي يبتغي الثواب، وإنما يقول : اللهم أعطني أو تفضل، فعلى هذا التصدق هو إعطاء الصدقة والمتصدق المعطي، وأجاز الليث أن يقال للسائل : متصدق وأباه الأكثرون.
وروي أنهم لما قالوا :﴿مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضر﴾ وتضرعوا إليه اغرورقت عيناه فعند ذلك ﴿قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ﴾ وقيل : دفعوا إليه كتاب يعقوب فيه من يعقوب إسرائيل الله ابن إسحق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله إلى عزيز مصر.