ولذلك أقسموا بما يدل على ذلك :﴿تالله﴾ أي الملك الأعظم ﴿لقد آثرك الله﴾ أي الذي له الأمر كله ﴿علينا﴾ أي جعل لك أثراً يغطي آثارنا بعلوه فالمعنى : فضلك علينا أي بالعلم والعقل والحكم والحسن والملك والتقوى وغير ذلك ﴿وإن﴾ خففوها من الثقيلة تأكيداً بالإيجاز للدلالة على الاهتمام بالإبلاغ في الاعتذار في أسرع وقت ﴿كنا﴾ أي كوناً هو جبلة لنا ﴿لخاطئين﴾ أي عريقين في الخطأ، وهو تعمد الإثم، فكأنه قيل : ما قال لهم على قدرته وتمكنه مع ما سلف من إساءتهم؟ فقيل :﴿قال﴾ قول الكرام اقتداء بإخوانه من الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام ﴿لا تثريب﴾ أي لا لوم ولا تعنيف ولا هلاك ﴿عليكم اليوم﴾ وإن كان هذا الوقت مظنة اللوم والتأنيب، فإذا انتفى ذلك فيه فما الظن بما بعده!
ومادة " ثرب " تدور على البرث - بتقديم الموحدة، وهو أسهل الأرض وأحسنها ؛ ولثبرة - بتقديم المثلثة : أرض ذات حجارة بيض، فإنه يلزمه الإخلاد، والدعة، ومنه : ثابر على الأمر : دوام، والمثبر - كمنزل : لمسقط الولد أي موضع ولادته، والمقطع والمفصل، فيأتي الكسل واللين فيأتي الفساد، ومنه الثبور للهلاك، والبثر بتقديم الموحدة : خراج معروف : والماء البثر : الذي بقى منه على الأرض شيء قليل ؛ والربث - بتقديم الموحدة أيضاً : حبس الإنسان، وهو يرجع إلى الإقامة والدوام أيضاً ؛ والتثريب : التقرير بالذنب، فهو إزالة ما على الإنسان من ساتر العفو، من الثرب وهو شحم يغشى الكرش والأمعاء ويسترهما، وهو من لوازم الأرض السهلة لما يلزم من خصبها، فالتثريب إزالته، وذلك للقحط الناشىء عنه الهلاك، فأغلب مدار المادة الهلاك.


الصفحة التالية