وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ قالوا ﴾ يعني : إِخوة يوسف ﴿ إِن يسرق ﴾ يعنون بنيامين ﴿ فقد سرق أخ له من قبل ﴾ يعنون يوسف.
قال المفسرون : عوقب يوسف ثلاث مرات، قال للساقي :"اذكرني عند ربك" فلبث في السجن بضع سنين، وقال للعزيز :"ليعلم أني لم أخنه بالغيب"، فقال له جبريل : ولا حين هممت؟ فقال :"وما أُبرىء نفسي"، وقال لإِخوته :"إِنكم لسارقون"، فقالوا :"إِن يسرق فقد سرق أخ له من قبل".
وفي ما عنوا بهذه السرقة سبعة أقوال.
أحدها : أنه كان يسرق الطعام من مائدة أبيه في سني المجاعة، فيطعمه للمساكين، رواه عطاء عن ابن عباس.
والثاني : أنه سرق مكحلة لخالته، رواه أبو مالك عن ابن عباس.
والثالث : أنه سرق صنماً لجده أبي أمه، فكسره وألقاه في الطريق، فعيَّره إِخوته بذلك، قاله سعيد بن جبير، ووهب بن منبه، وقتادة.
والرابع : أن عمة يوسف وكانت أكبر ولد إِسحاق كانت تحضن يوسف وتحبُّه حباً شديداً، فلما ترعرع، طلبه يعقوب، فقالت : ما أقدر أن يغيب عني، فقال : والله ما أنا بتاركه، فعمدت إِلى منطقة إِسحاق، فربطتها على يوسف تحت ثيابه، ثم قالت : لقد فقدت منطقة إِسحاق، فانظروا من أخذها، فوجدوها مع يوسف، فأخبرت يعقوب ذلك، وقالت : والله إِنه لي أصنع فيه ما شئت، فقال : أنت وذاك، فما قدر عليه يعقوب حتى ماتت، فذاك الذي عيَّره به إِخوته، رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد.
والخامس : أنه جاءه سائل يوماً، فسرق شيئاً، فأعطاه السائل، فعيَّروه بذلك.
وفي ذلك الشيء ثلاثة أقوال : أحدها : أنه كان بيضة، قاله مجاهد.
والثاني : أنه شاة، قاله كعب.
والثالث : دجاجة، قاله سفيان بن عيينة.
والسادس : أن بني يعقوب كانوا على طعام، فنظر يوسف إِلى عَرْق، فخبأه، فعيَّروه بذلك، قاله عطية العوفي، وإِدريس الأودي.