قوله تعالى :﴿ فلما دخلوا عليه ﴾ في الكلام محذوف.
تقديره : فخرجوا إِلى مصر، فدخلوا على يوسف، ف ﴿ قالوا : يا أيها العزيز ﴾ وكانوا يسمُّون ملكهم بذلك، ﴿ مسَّنا وأهلنا الضرُّ ﴾ يعنون الفقر والحاجة ﴿ وجئنا ببضاعة مزجاة ﴾.
وفي ماهية تلك البضاعة سبعة أقوال :
أحدها : أنها كانت دراهم، رواه العوفي عن ابن عباس.
والثاني : أنها كانت متاعاً رثّاً كالحبل والغرارة، رواه ابن أبي مليكة عن ابن عباس.
والثالث : كانت أَقِطاً قاله الحسن.
والرابع : كانت نعالاً وأدَماً، رواه جويبر عن الضحاك.
والخامس : كانت سويق المُقْل، روي عن الضحاك أيضاً.
والسادس : حبة الخضراء وصنوبر، قاله أبو صالح.
والسابع : كانت صوفاً وشيئاً من سمن، قاله عبد الله بن الحارث.
وفي المزجاة خمسة أقوال :
أحدها : أنها القليلة.
روى العوفي عن ابن عباس قال : دراهم غير طائلة، وبه قال مجاهد، وابن إِسحاق، وابن قتيبة.
قال الزجاج : تأويله في اللغة أن التزجية : الشيء الذي يدافَع به، يقال : فلان يزجي العيش، أي : يدفع بالقليل ويكتفي به، فالمعنى : جئنا ببضاعة إِنما ندافع بها ونتقوَّت، وليست مما يُتَّسع به، قال الشاعر :
الوَاهِبُ المائَةَ الهِجَانَ وَعَبْدَهَا...
عُوذَاً تُزَجِّي خَلْفَهَا أَطْفَالَهَا
أي : تدفع أطفالها.
والثاني : أنها الرديئة، رواه الضحاك عن ابن عباس.
قال أبو عبيدة : إِنما قيل للرديئة : مزجاة، لأنها مردودة مدفوعة غير مقبولة ممن ينفقها، قال : وهي من الإِزجاء، والإِزجاء عند العرب : السَّوق والدفع، وأنشد :
لِيَبْكِ على مِلحانَ ضيفٌ مُدفَّع...
وَأَرْمَلَةٌ تُزْجِي مَعَ اللَّيْلِ أَرْمَلاَ
أي : تسوقه.
والثالث : الكاسدة، رواه الضحاك أيضاً عن ابن عباس.
والرابع : الرثّة، وهي المتاع الخَلَق، رواه ابن أبي مليكة عن ابن عباس.
والخامس : الناقصة، رواه أبو حصين عن عكرمة.