والثالث : تكذِّبونِ، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال سعيد بن جبير، والضحاك.
والرابع : تهرِّمونِ، قاله الحسن، ومجاهد في رواية.
قال ابن فارس : الفَنَد : إِنكار العقل من هرم.
والخامس : تعجِّزونِ، قاله ابن قتيبة.
وقال أبو عبيدة : تسفِّهون وتعجِّزون وتلومون، وأنشد :
يَاصَاحِبَيَّ دَعَا لَوْمِي وَتَفْنِيدِي...
فَلَيْسَ مَا فَاتَ مِنْ أَمْرٍ بِمَرْدُودِ
قال ابن جرير : وأصل التفنيد : الإِفساد، وأقوال المفسرين تتقارب معانيها، وسمعت الشيخ أبا محمد إبن الخشاب يقول : قوله :"لولا أن تفنِّدون" فيه إِضمار، تقديره : لأخبرتكم أنه حيّ.
قوله تعالى :﴿ قالوا تالله إِنك لفي ضلالك القديم ﴾ قال ابن عباس : بنو بنيه خاطبوه بهذا، وكذلك قال السدي : هذا قول بني بنيه، لأن بنيه كانوا بمصر.
وفي معنى هذا الضلال ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه بمعنى الخطأ، قاله ابن عباس، وابن زيد.
والثاني : أنه الجنون، قاله سعيد بن جبير.
والثالث : الشقاء والعناء، قاله مقاتل، يريد بذلك شقاء الدنيا.
قوله تعالى :﴿ فلما أن جاء البشير ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أنه يهوذا، قاله أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال وهب بن منبه، والسدي، والجمهور.
والثاني : أنه شمعون، قاله الضحاك.
فإن قيل : ما الفرق بين قوله هاهنا :﴿ فلما أن جاء ﴾ وقال في موضع :﴿ فلما جاءهم ﴾ [ البقرة : ٨٩ ].
فالجواب : أنهما لغتان لقريش خاطبهم الله بهما جميعاً، فدخول "أن" لتوكيد مُضِّي الفعل، وسقوطها للاعتماد على إِيضاح الماضي بنفسه، ذكره ابن الأنباري.
قوله تعالى :﴿ ألقاه ﴾ يعني القميص ﴿ على وجهه ﴾ يعني يعقوب ﴿ فارتدَّ بصيراً ﴾، الارتداد : رجوع الشيء إِلى حال قد كان عليها.
قال ابن الأنباري : إِنما قال : ارتد، ولم يقل : رُدَّ، لأن هذا من الأفعال المنسوبة إِلى المفعولِين، كقولهم : طالت النخلة، والله أطالها، وتحركت الشجرة، والله حركها.