والثالث : أنه يعود إِلى دخول مصر، لأنه قال لهم هذا حين تلقَّاهم قبل دخولهم، على ما سبق بيانه.
والرابع : أن "إِن" بمعنى :"إِذ" كقوله :﴿ إِن أَرَدْنَ تحصُّناً ﴾ [ النور : ٣٣ ].
قال ابن عباس : دخلوا مصر يومئذ وهم نيِّف وسبعون من ذكر وأنثى، وقال ابن مسعود : دخلوا وهم ثلاثة وتسعون، وخرجوا مع موسى وهم ستمائة ألف وسبعون ألفاً.
قوله تعالى :﴿ ورفع أبويه على العرش ﴾ في "أبويه" قولان قد تقدما في الآية التي قبلها.
والعرش هاهنا : سرير المملكة، أجلس أبويه عليه ﴿ وخرّوا له ﴾ يعني : أبويه وإِخوته.
وفي هاء "له" قولان :
أحدهما : أنها ترجع إِلى يوسف، قاله الجمهور.
قال أبو صالح عن ابن عباس : كان سجودهم كهيأة الركوع كما يفعل الأعاجم.
وقال الحسن : أمرهم الله بالسجود لتأويل الرؤيا.
قال ابن الأنباري : سجدوا له على جهة التحية، لا على معنى العبادة، وكان أهل ذلك الدهر يحيِّى بعضهم بعضاً بالسجود والانحناء، فحظره رسول الله ﷺ، فروى أنس بن مالك قال :" قال رجل : يا رسول الله أحدنا يلقى صديقه، أينحني له؟ قال : لا ".
والثاني : أنها ترجع إِلى الله، فالمعنى : وخرُّوا لله سجَّداً، رواه عطاء، والضحاك عن ابن عباس، فيكون المعنى : أنهم سجدوا شكراً لله إِذ جمع بينهم وبين يوسف.
قوله تعالى :﴿ هذا تأويل رؤياي ﴾ أي : تصديق ما رأيت، وكان قد رآهم في المنام يسجدون له، فأراه الله ذلك في اليقظة.
واختلفوا فيما بين رؤياه وتأويلها على سبعة أقوال :
أحدها : أربعون سنة، قاله سلمان الفارسي، وعبد الله بن شداد بن الهاد، ومقاتل.
والثاني : اثنتان وعشرون سنة، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثالث : ثمانون سنة، قاله الحسن، والفضيل بن عياض.
والرابع : ست وثلاثون سنة، قاله سعيد بن جبير، وعكرمة، والسدي.
والخامس : خمس وثلاثون سنة، قاله قتادة.
والسادس : سبعون سنة، قاله عبد الله بن شوذب.