وقيل : كانت صوفاً وسمناً ﴿ فَأَوْفِ لَنَا الكيل ﴾ الذي هو حقنا ﴿ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا ﴾ وتفضل علينا بالمسامحة والإغماض عن رداءة البضاعة أوزدنا على حقنا أوهب لنا أخانا ﴿ إِنَّ الله يَجْزِى المتصدقين ﴾ ولما قالوا مسنا وأهلنا الضر وتضرعوا إليه وطلبوا منه أن يتصدق عليهم ارفضت عيناه ولم يتمالك أن عرفهم نفسه حيث قال :﴿ قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ ﴾ أي هل علمتم قبح ما فعلتم بيوسف ﴿ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جاهلون ﴾ لا تعلمون قبحه أو إذ أنتم في حد السفه والطيش وفعلهم بأخيه تعريضهم إياه للغم بإفراده عن أخيه لأبيه وأمه وإيذاؤهم له بأنواع الأذى ﴿ قَالُواْ أَءنَّكَ ﴾ بهمزتين : كوفي وشامي ﴿ لأَنتَ يُوسُفُ ﴾ اللام لام الابتداء و ﴿ أنت ﴾ مبتدأ و ﴿ يوسف ﴾ خبره، والجملة خبر "إن" ﴿ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وهذا أَخِى ﴾ وإنما ذكر أخاه وهم قد سألوه عن نفسه لأنه كان في ذكر أخيه بيان لما سألوه عنه ﴿ قَدْ مَنَّ الله عَلَيْنَا ﴾ بالألفة بعد الفرقة وذكر نعمة الله بالسلامة والكرامة ولم يبدأ بالملامة ﴿ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ ﴾ الفحشاء ﴿ وَيِصْبِرْ ﴾ عن المعاصي وعلى الطاعة ﴿ فَإِنَّ الله لاَ يُضِيعُ أَجْرَ المحسنين ﴾ أي أجرهم فوضع المحسنين موضع الضمير لاشتماله على المتقين والصابرين.
وقيل : من يتق مولاه ويصبر على بلواه لا يضيع أجره في دنياه وعقباه.


الصفحة التالية
Icon