﴿ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى العرش وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدَا ﴾ قيل : لما دخلوا مصر وجلس في مجلسه مستوياً على سريره واجتمعوا إليه أكرم أبويه فرفعهما على السرير وخروا له يعني الإخوة الأحد عشر والأبوين سجداً، وكانت السجدة عندهم جارية مجرى التحية والتكرمة كالقيام والمصافحة وتقبيل اليد وقال الزجاج سنة التعظيم في ذلك الوقت أن يسجد للمعظم وقيل ما كانت لا انحناء دون تعفير الجباه وخرورهم سجداً يأباه وقيل وخروا لأجل يوسف سجداً لله شكراً وفيه نبوة أيضاً واختلف في استنبائهم ﴿ وَقَالَ يأَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رؤياى مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا ﴾ أي الرؤيا ﴿ رَبّي حَقّاً ﴾ أي صادقة وكان بين الرؤيا وبين التأويل أربعين سنة أو ثمانون أو ست وثلاثون أو ثنتان وعشرون ﴿ وَقَدْ أَحْسَنَ بَى ﴾ يقال : أحسن إليه وبه وكذلك أساء إليه وبه ﴿ إِذْ أَخْرَجَنِى مِنَ السجن ﴾ ولم يذكر الجب لقوله ﴿ لا تثريب عليكم اليوم ﴾ ﴿ وَجَاء بِكُمْ مّنَ البدو ﴾ من البادية لأنهم كانوا أصحاب مواشٍ ينتقلون في المياه والمناجع ﴿ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشيطان بَيْنِى وَبَيْنَ إِخْوَتِى ﴾ أي أفسد بيننا وأغرى ﴿ إِنَّ رَبّى لَطِيفٌ لّمَا يَشَاء ﴾ أي لطيف التدبير ﴿ إِنَّهُ هُوَ العليم الحكيم ﴾ بتأخير الآمال إلى الآجال أو حكم بالائتلاف بعد الاختلاف.
﴿ رَبّ قَدْ اتَيْتَنِى مِنَ الملك ﴾ ملك مصر ﴿ وَعَلَّمْتَنِى مِن تَأْوِيلِ الأحاديث ﴾ تفسير كتب الله أو تعبير الرؤيا و"من" فيهما للتبعيض إذ لم يؤت إلا بعض ملك الدنيا وبعض التأويل ﴿ فَاطِرَ السماوات والأرض ﴾ انتصابه على النداء ﴿ أَنتَ وَلِيِّي فِى الدنيا والآخرة ﴾ أنت الذي تتولاني بالنعمة في الدارين وتوصل الملك الفاني بالملك الباقي ﴿ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا ﴾ طلب الوفاة على حال الإسلام كقول يعقوب لولده ﴿ ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ﴾ [ آل عمران : ١٠٢ ] وعن الضحاك : مخلصاً.


الصفحة التالية
Icon