﴿ قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ ﴾ لما شكوا إليه رقَّ لهم وعرّفهم بنفسه، ورُوِي أنه كان يكلمهم وعلى وجهه لثام، ثم أزال اللثام ليعرفوه، وأراد بقوله ما فعلتم بيوسف وأخيه : التفريق بينهما في الصغر، ومضرتهم ليوسف وإذايتهم أخيه من بعده، فإنهم كانوا يذلونه ويشتمونه ﴿ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ ﴾ اعتذار عنهم، فيحتمل أن يريد الجهل بقبح ما فعلوه أو جهل الشبابُ ﴿ قالوا أَءِنَّكَ لأَنتَ يُوسُفُ ﴾ قرئ بالاستفهام والخبر، فالخبر على أنهم عرفوه ؛ والاستفهام على أنهم عرفوه ؛ والاستفهام على أنهم توهموا أنه هو ولم يحققوه ﴿ مَن يَتَّقِ وَيَِصْبِرْ ﴾ قيل إنه أراد من يتق في ترك المعصية، ويصبر على السجن، واللفظ أعم من ذلك ﴿ آثَرَكَ الله عَلَيْنَا ﴾ أي فضلك ﴿ لخاطئين ﴾ أي عاصين، وفي كلامهم استعطاف واعتراف ﴿ لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ ﴾ عفو جميل، والتثريب التعنيف والعقوبة، وقوله اليوم راجع إلى ما قبله فيوقف عليه، وهو يتعلق بالتثريب، أو بالمقدر في عليكم من معنى الاستقرار ؛ وقيل : إنه يتعلق بيغفر، وهذا بعيد لأنه تحكم على الله ؛ وإنما يغفر دعاء، فكأنه أسقط حق نفسه بقوله : لا تثريب عليكم اليوم، ثم دعا إلى الله أن يغفر لهم حقه.


الصفحة التالية
Icon