وقال البيضاوى :
﴿ قَالُواْ إِن يَسْرِقْ ﴾
بنيامين. ﴿ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ ﴾ يعنون يوسف. قيل ورثت عمته من أبيها منطقة إبراهيم عليه السلام وكانت تحضن يوسف وتحبه، فلما شب أراد يعقوب انتزاعه منها فشدت المنطقة على وسطه، ثم أظهرت ضياعها فتفحصُ عنها فوجدت محزومة عليه فصارت أحق به في حكمهم. وقيل كان لأبي أمه صنم فسرقه وكسره وألقاه في الجيف. وقيل كان في البيت عناق أو دجاجة فأعطاها السائل. وقيل دخل كنيسة وأخذ تمثالاً صغيراً من الذهب. ﴿ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِى نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ ﴾ أكنها ولم يظهرها لهم، والضمير للإجابة أو المقالة أو نسبة السرقة إليه وقيل إنها كناية بشريطة التفسير يفسرها قوله :﴿ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً ﴾ فإنه بدل من أسرها. والمعنى قال في نفسه أنتم شر مكاناً أي منزلة في السرقة لسرقتكم أخاكم، أو في سوء الصنيع مما كنتم عليه، وتأنيثها باعتبار الكلمة أو الجملة، وفيه نظر إذ المفسر بالجملة لا يكون إلا ضمير الشأن. ﴿ والله أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ ﴾ وهو يعلم أن الأمر ليس كما تصفون.
﴿ قَالُواْ يا أَيُّهَا العزيز إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا ﴾ أي في السن أو القدر، ذكروا له حاله استعطافاً له عليه. ﴿ فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ ﴾ بدله فإن أباه ثكلان على أخيه الهالك مستأنس به. ﴿ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ المحسنين ﴾ إلينا فأتمم إحسانك، أو من المتعودين بالإِحسان فلا تغير عاداتك.
﴿ قَالَ مَعَاذَ الله أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا متاعنا عِندَهُ ﴾ فإن أخذ غيره ظلم على فتواكم فلو أخذنا أحدكم مكانه. ﴿ إِنَّا إِذًا لظالمون ﴾ في مذهبكم هذا، وإن مراده إن الله أذن في أخذ من وجدنا الصاع في رحله لمصلحته ورضاه عليه فلو أخذت غيره كنت ظالماً.