﴿ قَالُواْ أَءنَّكَ لأَنتَ يُوسُفُ ﴾ استفهام تقرير ولذلك حقق بأن ودخول اللام عليه. وقرأ ابن كثير على الإِيجاب. قيل عرفوه بروائه وشمائله حين كلمهم به، وقيل تبسم فعرفوه بثناياه. وقيل رفع التاج عن رأسه فرأوا علامة بقرنه تشبه الشامة البيضاء وكانت لسارة ويعقوب مثلها. ﴿ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وهذا أَخِى ﴾ من أبي وأمي ذكره تعريفاً لنفسه به، وتفخيماً لشأنه وإدخالاً له في قوله :﴿ قَدْ مَنَّ الله عَلَيْنَا ﴾ أي بالسلامة والكرامة. ﴿ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ ﴾ أي يتق الله. ﴿ وَيِصْبِرْ ﴾ على البليات أو على الطاعات وعن المعاصي. ﴿ فَإِنَّ الله لاَ يُضِيعُ أَجْرَ المحسنين ﴾ وضع المحسنين موضع الضمير للتنبيه على أن المحسن من جمع بين التقوى والصبر.
﴿ قَالُواْ تالله لَقَدْ آثَرَكَ الله عَلَيْنَا ﴾ اختارك علينا بحسن الصورة وكمال السيرة. ﴿ وَإِن كُنَّا لخاطئين ﴾ والحال أن شأننا إنا كنا مذنبين بما فعلنا معك.
﴿ قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ ﴾ لا تأنيب عليكم تفعيل من الثرب وهو الشحم الذي يغشى الكرش للإِزالة كالتجليد، فاستعير للتقريع الذي يمزق العرض ويذهب ماء الوجه. ﴿ اليوم ﴾ متعلق بال ﴿ تَثْرَيبَ ﴾ أو بالمقدر للجار الواقع خبراً لل ﴿ لاَ تثريبَ ﴾ والمعنى لا أثربكم اليوم الذي هو مظنته فما ظنكم بسائر الأيام أو بقوله :﴿ يَغْفِرَ الله لَكُمْ ﴾ لأنه صفح عن جريمتهم حينئذ واعترفوا بها. ﴿ وَهُوَ أَرْحَمُ الراحمين ﴾ فإنه يغفر الصغائر والكبائر ويتفضل على التائب، ومن كرم يوسف عليه الصلاة والسلام أنهم لما عرفوه أرسلوا إليه وقالوا : إنك تدعونا بالبكرة والعشي إلى الطعام ونحن نستحي منك لما فرط منا فيك، فقال إن أهل مصر كانوا ينظرون إلي بالعين الأولى ويقولون : سبحان من بلغ عبداً بيع بعشرين درهماً ما بلغ، ولقد شرفت بكم وعظمت في عيونهم حيث علموا أنكم اخوتي وأني من حفدة إبراهيم عليه الصلاة والسلام.