قال الإمام فخر الدين الرازي رحمة الله عليه وهو مصنف هذا الكتاب أنار الله برهانه.
أنا صاحب هذه الحالة والمتوغل فيها، ولو فتحت الباب وبالغت في عيوب هذه اللذات الجسمانية فربما كتبت المجلدات وما وصلت إلى القليل منها فلهذا السبب صرت مواظباً في أكثر الأوقات على ذكر هذا الذي ذكره يوسف عليه السلام وهو قوله :﴿رَبّ قَدْ اتَيْتَنِى مِنَ الملك وَعَلَّمْتَنِى مِن تَأْوِيلِ الأحاديث فَاطِرَ السموات والأرض أنت ولىِّ فِى الدنيا والآخرة تَوَفَّنِى مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِى بالصالحين ﴾.
المسألة الثالثة :
تمسك أصحابنا في بيان أن الإيمان من الله تعالى بقوله ﴿تَوَفَّنِى مُسْلِمًا﴾ وتقريره أن تحصيل الإسلام وإبقاءه إذا كان من العبد كان طلبه من الله فاسداً وتقريره كأنه يقول افعل يا من لا يفعل والمعتزلة أبداً يشنعون علينا ويقولون إذا كان الفعل من الله فكيف يجوز أن يقال للعبد افعل مع أنك لست فاعلاً، فنحن نقول ههنا أيضاً إذا كان تحصيل الإيمان وإبقاؤه من العبد لا من الله تعالى، فكيف يطلب ذلك من الله قال الجبائي والكعبي معناه : اطلب اللطف لي في الإقامة على الإسلام إلى أن أموت عليه.
فهذا الجواب ضعيف لأن السؤال وقع على السلام فحمله على اللطف عدول عن الظاهر وأيضاً كل ما في المقدور من الألطاف فقد فعله فكان طلبه من الله محالاً.
المسألة الرابعة :
لقائل أن يقول : الأنبياء عليهم السلام يعلمون أنهم يموتون لا محالة على الإسلام، فكان هذا الدعاء حاصله طلب تحصيل الحاصل وأنه لا يجوز.
والجواب : أحسن ما قيل فيه أن كمال حال المسلم أن يستسلم لحكم الله تعالى على وجه يستقر قلبه على ذلك الإسلام ويرضى بقضاء الله وقدره، ويكون مطمئن النفس منشرح الصدر منفسح القلب في هذا الباب، وهذه الحالة زائدة على الإسلام الذي هو ضد الكفر، فالمطلوب ههنا هو الإسلام بهذا المعنى.
المسألة الخامسة :


الصفحة التالية
Icon