وقال ابن عطية :
قوله تعالى :﴿ ذلك من أنباء الغيب ﴾ الآية
﴿ ذلك ﴾ إشارة إلى ما تقدم من قصة يوسف، وهذه الآية تعريض لقريش وتنبيه على آية صدق محمد، وفي ضمن ذلك الطعن على مكذبيه.
والضمير في ﴿ لديهم ﴾ عائد إلى إخوة يوسف، وكذلك الضمائر إلى آخر الآية، و﴿ أجمعوا ﴾ معناه : عزموا وجزموا، و﴿ الأمر ﴾ هنا هو إلقاء يوسف في الجب، و" المكر " هو أن تدبر على الإنسان تدبيراً يضره ويؤذيه والخديعة هي أن تفعل بإنسان وتقول له ما يوجب أن يفعل هو فعلاً فيه عليه ضرر. وحكى الطبري عن أبي عمران الجوني أنه قال : والله ما قص الله نبأهم ليعيرهم بذلك، إنهم لأنبياء من أهل الجنة، ولكن قص الله علينا نبأهم لئلا يقنط عبده.
﴿ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾
هاتان الآيتان تدلان أن الآية التي قبلهما فيها تعريض لقريش ومعاصري محمد عليه السلام، كأنه قال : فإخبارك بالغيوب دليل قائم على نبوتك، ولكن أكثر الناس لا يؤمنون وإن كنت أنت حريصاً على إيمانهم، أي يؤمن من شاء الله. وقوله :﴿ ولو حرصت ﴾ اعتراض فصيح.
وقوله :﴿ وما تسألهم ﴾ الآية، توبيخ للكفرة وإقامة الحجة عليهم، أي ما أسفههم في أن تدعوهم إلى الله دون أن تبغي منهم أجراً فيقول قائل : بسبب الأجر يدعوهم.
وقرأ مبشر بن عبيد :" وما نسألهم " بالنون.
ثم ابتدأ الله تعالى الإخبار عن كتابه العزيز. أنه ذكر وموعظة لجميع العالم - نفعنا الله به ووفر حظنا منه بعزته -. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon