الآية إيذان بأن ما ذكر من النبأ هو الحق المطابق للواقع وما ينقله أهل الكتاب ليس على ما هو عليه :
﴿ وَمَآ أَكْثَرُ الناس وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾.
﴿ وَمَا أَكْثَرُ الناس ﴾ الظاهر العموم، وقال ابن عباس : إنهم أهل مكة ﴿ وَلَوْ حَرَصْتَ ﴾ أي على إيمانهم وبالغت في إظهار الآيات القاطعة الدالة على صدقك عليهم ﴿ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ لتصميمهم على الكفر وإصرارهم على العناد حسبما اقتضاه استعدادهم ﴿ و{ حرص ﴾ من باب ضرب وعلم وكلاهما لغة فصيحة، وجواب ﴿ وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ ﴾ محذوف للعلم به، والجملة معترضة بين المبتدأ والخبر.
قال ابن الأنباري : سألت قريش واليهود رسول الله ﷺ عن قصة يوسف عليه السلام فنزلت مشروحة شرحاً وافياً فأمل عليه الصلاة والسلام أن يكون ذلك سبب اسلامهم، وقيل : إنهم وعدوه أن يسلموا فلما لم يفعلوا عزاه تعالى بذلك.
وقيل : إنها نزلت في المنافقين، وقيل : في النصارى، وقيل : في المشركين فقط، وقيل : في أهل الكتاب فقط ؛ وقيل : في الثنوية.
﴿ وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ ﴾
أي هذا الانباء أو جنسه أو القرآن، وأياماً كان فالضمير عائد على ما يفهم مما قبله والمعنى ما تطلب منهم على تبليغه ﴿ مِنْ أَجْرٍ ﴾ أي جعل ما كما يفعله حملة الأخبار ﴿ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ ﴾ أي ما هو إلا تذكير وعظة من الله تعالى ﴿ للعالمين ﴾ كافة، والجملة كالتعليل لما قبلها لأن الوعظ العام ينافي أخذ الأجرة من البعض لأنه لا يختص بهم.
وقيل : اريدانه ليس إلا عظة من الله سبحانه امرت أن أبلغها فوجب على ذلك فكيف أسأل أجراً على أداء الواجب وهو خلاف الظاهر، وعليه تكون الآية دليلاً على حرمة أخذ الأجرة على أدار الواجبات.
وقرأ مبشر بن عبيد ﴿ وَمَا ﴾ بالنون. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ١٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon