فأنت يا رسول الله عليك البلاغ فقط، ويذكر الحق ذلك لِيُسلِّي رسوله ﷺ حين رأى لدد الكافرين ؛ بعد أن جاء لهم بما طلبوه، ثم جحدوه :﴿ وَجَحَدُواْ بِهَا واستيقنتهآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً... ﴾ [ النمل : ١٤ ]
وهم قد جحدوا ما جاء به رسول الله ﷺ ؛ لأنهم حرصوا على السلطة الزمنية فقط، وكان من الواجب أن يؤمنوا بما جاءهم به، لكن العناد هو الذي وقف بينهم وبين حقيقة اليقين وحقيقة الإيمان.
وأنت لا تستطيع أن تواجه المُعَاند بحجة أو بمنطق، فهم يريدون أن يظل الضعفاء عبيداً، وأن يكونوا مسيطرين على الخَلْق بجبروتهم، والدين سيُسوِّي بين الناس جميعاً، وهم يكرهون تلك المسألة.
ويأتي الحق سبحانه بعد ذلك بقضية كونية، فيقول :
﴿ وَمَآ أَكْثَرُ الناس... ﴾
فأنت يا محمد لن تجعل كل الناس مؤمنين ؛ ولو حرصت على ذلك، وكان ﷺ شديد الحرص على أن يؤمن قومه، فهو منهم.
ويقول فيه الحق سبحانه :﴿ لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بالمؤمنين رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ [ التوبة : ١٢٨ ]
لكنهم جحدوا ما جاءهم به ؛ وقد أحزنه ذلك الأمر. وفي الحرص نجد آية خاصة باليهود ؛ هؤلاء الذين دفعوا أهل مكة أن يسألوا الرسول ﷺ عن قصة يوسف ؛ يقول الحق سبحانه :﴿ وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ الناس على حَيَاةٍ... ﴾ [ البقرة : ٩٦ ]
وكان على أهل مكة أن يؤمنوا مادام قد ثبت لهم بالبينات أنه رسول من الله.
وجاء قول الحق :﴿ وَمَآ أَكْثَرُ الناس وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [ يوسف : ١٠٣ ]
جاء ذلك القولُ تسليةً من الحق سبحانه لرسوله، وليؤكد له أن ذلك ليس حال أهل مكة فقط، ولكن هذه هي طبيعة معظم الناس. لماذا؟


الصفحة التالية
Icon