وإن شئت قلت : إن الكلمة لما كثر استعمالها في الإغراء بالشيء والبعث على طلبه وإيجاده صار كأنه قال بقوله لها : عليك العتيق، أي الزميه، ولا يريد نفيه ولكن إضرابها عما عداه، فيكون العتيق في المعنى مفعولاً به إن كان لفظه مرفوعاً، مثل " سلام عليكم " ونحوه مما يراد به الدعاء واللفظ على الرفع، وحكى محمد بن السري رحمه الله عن بعض أهل اللغة في " كذب العتيق " أن مضر تنصب به وأن اليمن ترفع به، وقد تقدم وجه ذلك - انتهى.
وأقرب من ذلك جداً وأسهل تناولاً وأخذاً أن الإنسان لا يزال منيع الجناب مصون الحجاب ما كان لازماً للصدق فإذا كذب فقد أمكن من نفسه وهان أمره، فمعنى " ثلاثة أسفار كذبن عليكم أمكنتكم من أنفسها، الحج كل سنة بزوال مانع الكفار عنه، والعمرة كل السنة بزوال المفسدين بالقتل وغيره في أشهر الحل، والجهاد كل السنة أيضاً لإباحته في الأشهر الحرم وغيرها، وتخريج مثل : كذبتك الظهائر، وغيره على هذا بين الظهور ولا وقفة فيه ولكون الكاذب يبادر إلى المعاذير ويحاول التخلص كان التعبير بهذا من باب الإغراء، أي انتهز الفرصة وبادر تعسر هذا الإمكان. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٤ صـ ١١٣ ـ ١١٥﴾


الصفحة التالية
Icon