وقال أبو السعود :
﴿ وَكَأَيّن مِن ءايَةٍ ﴾
أي كأي عددٍ شئت من الآيات والعلاماتِ الدالةِ على وجود الصانِع ووحدتِه وكمال علمِه وقدرتِه وحكمته غيرِ هذه الآيةِ التي جئتَ بها ﴿ فِي السموات والأرض ﴾ أي كائنةٍ فيهما من الأجرام الفلكية وما فيها من النجوم وتغيّر أحوالها ومن الجبال والبحار وسائرِ ما في الأرض من العجائب الفائتةِ للحصر ﴿ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا ﴾ أي يشاهدونها ولا يعبأون بها، وقرىء برفع ( الأرضِ ) على الابتداء ويمرّون خبره وقرىء بنصبها على معنى ويطؤون الأرضَ يمرون عليها وفي مصحف عبد اللَّه والأرض يَمْشُونَ عَلَيْهَا والمراد ما يرَون فيها من آثار الأمم الهالكةِ وغيرُ ذلك من الآيات والعبر ﴿ وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ﴾ غيرُ ناظرين إليها ولا متفكّرين فيها ﴿ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بالله ﴾ في إقرارهم بوجوده وخالقيته ﴿ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ ﴾ بعبادتهم لغيره أو باتخاذهم الأحبارَ والرهبانَ أرباباً أو بقولهم باتخاذه تعالى ولداً سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً، أو بالنور والظلمة، وهي جملةٌ حالية أي لا يؤمن أكثرُهم إلا في حال شركِهم، قيل : نزلت الآيةُ في أهل مكة، وقيل : في المنافقين، وقيل : في أهل الكتاب.
﴿ أَفَأَمِنُواْ أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مّنْ عَذَابِ الله ﴾ أي عقوبةٌ تغشاهم وتشمَلُهم ﴿ أَوْ تَأْتِيَهُمُ الساعة بَغْتَةً ﴾ فجأةً من غير سابقةِ علامة ﴿ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾ بإتيانها غير مستعدّين لها. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٤ صـ ﴾