ولما كان إخراج الثمر بالماء النازل من السماء من أعظم آية، ودليلاً واضحاً على صحة المعاد، ولهذا قال تعالى في الآية الأخرى ﴿كذلك نخرج الموتى﴾ [ الأعراف : ٥٧ ] وكان قد ورد هنا أعظم جهة في الاعتبار من إخراجها مختلفات في الطعوم والألوان والروائح مع اتحاد المادة " يسقى " بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل لذلك ما أعقب قوله تعالى :﴿وفي الأرض قطع متجاورات﴾ الآية بقوله ﴿وإن تعجب فعجب قولهم إذا كنا ترابا أئنّا لفي خلق جديد﴾ ثم بين سبحانه الصنف القائل بهذا وأنهم الكافرون أهل الخلود في النار، ثم أعقب ذلك ببيان عظيم حلمه وعفوه فقال ﴿ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة﴾ [ الرعد : ٦ ] الآية، ثم أتبع ذلك بما يشعر بالجري على السوابق في قوله ﴿إنما أنت منذر ولكل قوم هاد﴾ [ الرعد : ٧ ] ثم بين عظيم ملكه واطلاعه على دقائق ما أوجده من جليل صنعه واقتداره فقال ﴿الله يعلم ما تحمل كل انثى وما تغيض الأرحام﴾ الآيات إلى قوله :﴿وما لكم من دونه من وال﴾ ثم خوف عباده وأنذرهم ورغبهم ﴿هو الذي يريكم البرق خوفاً وطمعاً﴾ [ الرعد : ١٢ ]، الآيات وكل ذلك راجع إلى ما أودع سبحانه في السماوات والأرض وما بينهما من الآيات، وفي ذلك أكثر آي السورة ونبه تعالى على الآية الكبرى والمعجزة العظمى فقال :﴿ولو أن قراناً سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى﴾ [ الرعد : ٣١ ] والمراد : لكان هذا القرآن ﴿ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً﴾ [ النساء : ٨٢ ] والتنبيه بعظيم هذه الآيات مناسب لمقتضى السورة من التنبيه بما أودع تعالى من الآيات في السماوات والأرض، وكأنه جل وتعالى لما بين لهم عظيم ما أودع من السماوات والأرض وما بينهما من الآيات وبسط ذلك وأوضحه، أردف ذلك بآية أخرى جامعة للآيات ومتسعة للاعتبارات فقال تعالى


الصفحة التالية
Icon