قلنا إنه لما أظهر المعجزة الواحدة فقد تم الغرض فيكون طلب الباقي تحكماً وظهور القرآن معجزة، فما كان مع ذلك حاجة إلى سائر المعجزات، وأيضاً فلعله تعالى علم أنهم يصرون على العناد بعد ظهور تلك المعجزات الملتمسة، وكانوا يصيرون حينئذ مستوجبين لعذاب الاستئصال، فلهذا السبب ما أعطاهم الله تعالى مطلوبهم، وقد بين الله تعالى ذلك بقوله :﴿وَلَوْ عَلِمَ الله فِيهِمْ خَيْرًا لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ﴾ [ الأنفال : ٢٣ ] بين أنه لم يعطهم مطلوبهم لعلمه تعالى أنهم لا ينتفعون به، وأيضاً ففتح هذا الباب يفضي إلى ما لا نهاية له.
وهو أنه كلما أتى بمعجزة جاء واحد آخر، فطلب منه معجزة أخرى، وذلك يوجب سقوط دعوة الأنبياء عليهم السلام، وأنه باطل.
الوجه الثاني : وفي الجواب لعل الكفار ذكروا هذا الكلام قبل مشاهدة سائر المعجزات.
ثم إنه تعالى لما حكى عن الكفار ذلك قال :﴿إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
اتفق القراء على التنوين في قوله :﴿هَادٍ﴾ وحذف الياء في الوصل، واختلفوا في الوقف، فقرأ ابن كثير : بالوقف على الياء، والباقون : بغير الياء، وهو رواية ابن فليح عن ابن كثير للتخفيف.
المسألة الثانية :
في تفسير هذه الآية وجوه.


الصفحة التالية
Icon