فصل


قال الفخر :
﴿ سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (١٠) ﴾
ثم إنه تعالى أكد بيان كونه عالماً بكل المعلومات فقال :﴿سَوَاء مّنْكُمْ مَّنْ أَسَرَّ القول وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ باليل وَسَارِبٌ بالنهار﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
لفظ ( سواء ) يطلب اثنين تقول سواء زيد وعمرو ثم فيه وجهان.
الأول : أن سواء مصدر والمعنى : ذو سواء كما تقول : عدل زيد وعمرو أي ذوا عدل.
الثاني : أن يكون سواء بمعنى مستو وعلى هذا التقدير فلا حاجة إلى الإضمار إلا أن سيبويه يستقبح أن يقول مستو زيد وعمرو لأن أسماء الفاعلين إذا كانت نكرات لا يبدأ بها.
ولقائل أن يقول : بل هذا الوجه أولى لأن حمل الكلام عليه يغني عن التزام الإضمار الذي هو خلاف الأصل.
المسألة الثانية :
في المستخفي والسارب قولان :
القول الأول : يقال : أخفيت الشيء أخفيه إخفاء فخفي واستخفى فلان من فلان أي توارى واستتر.
وقوله :﴿وَسَارِبٌ بالنهار﴾
قال الفراء والزجاج : ظاهر بالنهار في سربه أي طريقه.
يقال : خلا له سربه، أي طريقه.
وقال الأزهري : تقول العرب سربت الإبل تسرب سرباً، أي مضت في الأرض ظاهرة حيث شاءت، فإذا عرفت ذلك فمعنى الآية سواء كان الإنسان مستخفياً في الظلمات أو كان ظاهراً في الطرقات، فعلم الله تعالى محيط بالكل.
قال ابن عباس رضي الله عنهما : سواء ما أضمرته القلوب وأظهرته الألسنة.
وقال مجاهد : سواء من يقدم على القبائح في ظلمات الليالي، ومن يأتي بها في النهار الظاهر على سبيل التوالي.
والقول الثاني : نقله الواحدي عن الأخفش وقطرب أنه قال : المستخفي الظاهر والسارب المتواري ومنه يقال : خفيت الشيء وأخفيته أي أظهرته.


الصفحة التالية
Icon