السابع : أن دم الحيض فضلة تجتمع في بطن المرأة فإذا امتلأت عروقها من تلك الفضلات فاضت وخرجت، وسالت من دواخل تلك العروق، ثم إذا سالت تلك المواد امتلأت تلك العروق مرة أخرى هذا كله إذا قلنا إن كلمة "ما" موصولة.
أما إذا قلنا : إنها مصدرية فالمعنى : أنه تعالى يعلم حمل كل أنثى ويعلم غيض الأرحام وازديادها لا يخفى عليه شيء من ذلك ولا من أوقاته وأحواله.
وأما قوله تعالى :﴿وَكُلُّ شَىْء عِندَهُ بِمِقْدَارٍ﴾ فمعناه : بقدر واحد لا يجاوزه ولا ينقص عنه، كقوله :﴿إِنَّا كُلَّ شَىْء خلقناه بِقَدَرٍ﴾ [ القمر : ٤٩ ] وقوله في أول الفرقان :﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَىْء فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً﴾ [ الفرقان : ٢ ].
واعلم أن قوله :﴿كُلّ شَىْء عِندَهُ بِمِقْدَارٍ﴾ يحتمل أن يكون المراد من العندية العلم ومعناه : أنه تعالى يعلم كمية كل شيء وكيفيته على الوجه المفصل المبين ومتى كان الأمر كذلك امتنع وقوع التغيير في تلك المعلومات ويحتمل أن يكون المراد من العندية أنه تعالى خصص كل حادث بوقت معين وحالة معينة بمشيئته الأزلية وإرادته السرمدية، وعند حكماء الإسلام أنه تعالى وضع أشياء كلية وأودع فيها قوى وخواص، وحركها بحيث يلزم من حركاتها المقدرة بالمقادير المخصوصة أحوال جزئية معينة ومناسبات مخصوصة مقدرة، ويدخل في هذه الآية أفعال العباد وأحوالهم وخواطرهم، وهو من أدل الدلائل على بطلان قول المعتزلة.
ثم قال تعالى :﴿عالم الغيب والشهادة﴾ قال ابن عباس رضي الله عنهما : يريد علم ما غاب عن خلقه وما شهدوه.
قال الواحدي : فعلى هذا ( الغيب ) مصدر يريد به الغائب، ( والشهادة ) أراد بها الشاهد.
واختلفوا في المراد بالغائب والشاهد.
قال بعضهم : الغائب هو المعلوم، والشاهد هو الموجود، وقال آخرون : الغائب ما غاب عن الحس، والشاهد ما حضر، وقال آخرون : الغائب ما لا يعرفه الخلق، والشاهد ما يعرفه الخلق.