وقال ابن العربى :
قَوْله تَعَالَى :﴿ اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ ﴾.
فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَوْلُهُ :﴿ اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى ﴾ تَمَدُّحٌ مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِعِلْمِ الْغَيْبِ، وَالْإِحَاطَةِ بِالْبَاطِنِ الَّذِي يَخْفَى عَلَى الْخَلْقِ ؛ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ.
وَأَهْلُ الطِّبِّ يَقُولُونَ : إذَا ظَهَرَ النَّفْخُ فِي ثَدْيِ الْحَامِلِ الْأَيْمَنِ فَالْحَمْلُ ذَكَرٌ، وَإِنْ ظَهَرَ فِي الثَّدْيِ الْأَيْسَرِ فَالْحَمْلُ أُنْثَى، وَإِذَا كَانَ الثِّقَلُ لِلْمَرْأَةِ فِي الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ فَالْحَمْلُ ذَكَرٌ، وَإِنْ وَجَدَتْ الثِّقَلَ فِي الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ فَالْوَلَدُ أُنْثَى ؛ فَإِنْ قَطَعُوا بِذَلِكَ فَهُوَ كُفْرٌ، وَإِنْ قَالُوا : إنَّهَا تَجْرِبَةٌ وَجَدْنَاهَا تُرِكُوا وَمَا هُمْ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي التَّمَدُّحِ ؛ فَإِنَّ الْعَادَةَ يَجُوزُ انْكِسَارُهَا وَالْعِلْمُ لَا يَجُوزُ تَبَدُّلُهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ :﴿ وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ ﴾ وَقَدْ تَبَايَنَ النَّاسُ فِيهَا فِرَقًا، أَظْهَرُهَا تِسْعَةُ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ : مَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ مِنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ وَمَا تَزِيدُ عَلَيْهَا، كَقَوْلِهِ :﴿ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ﴾ قَالَهُ الْحَسَنُ.
الثَّانِي : مَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ : مَا تُسْقِطُ، وَمَا تَزْدَادُ، يَعْنِي عَلَيْهِ إلَى التِّسْعَةِ ؛ قَالَهُ قَتَادَةُ.