وهكذا ضرب الله المَثَل لأهل البدو ولأهل الحضر بما يفيدهم في حياتهم ؛ سواء حلية يلبسونها، أو أداة يقاتلون بها، أو أداة أخرى يستخدمونها في أَوْجُه أعمالهم الحياتية ؛ وهم في كل ذلك يلجئون إلى تصفية المعادن التي يصنعون منها تلك الحلي أو الأدوات الحياتية ليستخلصوا المعادن من الخَبَث أو الزَّبَد.
وكذلك يفعل الحق سبحانه :﴿ كذلك يَضْرِبُ الله الحق والباطل فَأَمَّا الزبد فَيَذْهَبُ جُفَآءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ الناس فَيَمْكُثُ فِي الأرض... ﴾ [ الرعد : ١٧ ]
وحين يضرب الله الحقَّ والباطل ؛ فهو يستخلص ما يفيد الناس ؛ ويُذهب ما يضرُّهم، وقوله :﴿ فَيَذْهَبُ جُفَآءً... ﴾ [ الرعد : ١٧ ]
أي : يبعده ؛ ف " جُفَاء " يعني " مَطْروداً " ؛ من الجَفْوة ؛ ويُقال :" فلان جَفَا فلاناً " أي : أبعده عنه.
ويُذيِّل الحق سبحانه الآية الكريمة بقوله :﴿... كذلك يَضْرِبُ الله الأمثال ﴾ [ الرعد : ١٧ ]
وشاء سبحانه أن يُبيِّن لنا بالأمور الحِسِّية ؛ ما يساوي الأمور المعنوية ؛ كي يعلمَ الإنسانُ أن الظُّلْمَ حين يستشري ويَعْلو ويَطْمِس الحق، فهو إلى زَوَال ؛ مثله مثل الزَّبد. أ هـ ﴿تفسير الشعراوى صـ ﴾