فصل


قال الفخر :
﴿ لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى ﴾
ثم استأنف الكلام بقوله :﴿لِلَّذِينَ استجابوا لِرَبّهِمُ الحسنى﴾ ومحله الرفع بالابتداء وللذين خبره وتقديره لهم الخصلة الحسنى والحالة الحسنى.
الثاني : أنه متصل بما قبله والتقدير : كأنه قال الذي يبقى هو مثل المستجيب والذي يذهب جفاء مثل من لا يستجيب ثم بين الوجه في كونه مثلاً وهو أنه لمن يستجيب الحسنى وهو الجنة، ولمن لا يستجيب أنواع الحسرة والعقوبة، وفيه وجه آخر وهو أن يكون التقدير : كذلك يضرب الله الأمثال للذين استجابوا لربهم الاستجابة الحسنى، فيكون الحسنى صفة لمصدر محذوف.
واعلم أنه تعالى ذكر ههنا أحوال السعداء وأحوال الأشقياء، أما أحوال السعداء فهي قوله :﴿لِلَّذِينَ استجابوا لِرَبّهِمُ الحسنى﴾ والمعنى أن الذين أجابوه إلى ما دعاهم إليه من التوحيد والعدل والنبوة وبعث الرسل والتزام الشرائع الواردة على لسان رسوله فلهم الحسنى.
قال ابن عباس : الجنة، وقال أهل المعاني : الحسنى هي المنفعة العظمى في الحسن، وهي المنفعة الخالصة عن شوائب المضرة الدائمة الخالية عن الانقطاع المقرونة بالتعظيم والإجلال.
ولم يذكر الزيادة ههنا لأنه تعالى قد ذكرها في سورة أخرى، وهو قوله :﴿لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الحسنى وَزِيَادَةٌ﴾ [ يونس : ٢٦ ] وأما أحوال الأشقياء، فهي قوله :﴿والذين لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ﴾ فلهم أنواع أربعة من العذاب والعقوبة.
فالنوع الأول ؛ قوله :﴿لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَّا فِى الأرض جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ﴾ والافتداء جعل أحد الشيئين بدلاً من الآخر، ومفعول لافتدوا به محذوف تقديره : لافتدوا به أنفسهم أي جعلوه فداء أنفسهم من العذاب، والكناية في "به" عائدة إلى "ما" في قوله :﴿مَّا فِى الأرض ﴾.


الصفحة التالية
Icon